أعدائك. ومنه : نصر الله الأرض ، أغاثها. (وَالْفَتْحُ) وفتح مكّة. وقيل : المراد جنس نصر الله المؤمنين ، وفتح سائر بلاد الشرك عليهم. وإنّما عبّر عن الحصول بالمجيء تجوّزا ، للإشعار بأنّ المقدّرات متوجّهة من الأزل إلى أوقاتها المعيّنة لها ، فيقرب المقدّر من الوقت شيئا فشيئا ، وقد قرب النصر من وقته ، فكن مترقّبا لوروده ، مستعدّا لشكره. والأكثر على القول الأوّل.
وكان فتح مكّة لعشر مضين من شهر رمضان سنة ثمان ، ومع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وطوائف العرب ، وأقام بها خمس عشرة ليلة.
ثمّ خرج إلى هوازن ، وهم أهل حنين ، وحين دخلها وقف على باب الكعبة ، ثمّ قال : لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده. ثمّ قال : يا أهل مكّة ما ترون أنّي فاعل بكم؟ قالوا : خيرا ، أخ كريم وابن أخ كريم. قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء. فأعتقهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ بايعوه على الإسلام.
وعن ابن مسعود قال : دخل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الفتح وحول البيت ثلاثمائة وستّون صنما ، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول : جاء الحقّ وما يبدئ الباطل وما يعيد ، جاء الحقّ وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا.
وعن ابن عبّاس قال : لمّا قدم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى مكّة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة ، فأمر بها فأخرجت صورة إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام وفي أيديهما الأزلام ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : قاتلهم الله أما والله لقد علموا أنّهما لم يستقسما بها قطّ.
(وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ) حال على أنّ «رأيت» بمعنى : أبصرت. أو مفعول ثان على أنّه بمعنى : علمت. (فِي دِينِ اللهِ) في ملّة الإسلام الّتي لا دين له يضاف إليه غيرها ، لقوله : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (١) (أَفْواجاً) جماعات كثيفة ، أي : كانت تدخل في الإسلام قبيلة بعد قبيلة ، كأهل مكّة والطائف
__________________
(١) آل عمران : ٨٥.