اللهَ). كأنّه قيل : كيف نعمل بالتقوى في شأن المعتدّات؟ فقيل : أسكنوهنّ» (١).
(مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ) «من» للتبعيض ، ومبعّضها محذوف. ومعناه : أسكنوهنّ مكانا من حيث سكنتم ، أي : بعض مكان سكناكم. قال قتادة : إن لم يكن إلّا بيت واحد فأسكنها في بعض جوانبه. (مِنْ وُجْدِكُمْ) عطف بيان لقوله : (مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ). والوجد : الوسع والطاقة. والمعنى : ممّا تطيقونه.
(وَلا تُضآرُّوهُنَ) في السكنى. يعني : لا تستعملوا معهنّ الضرار. (لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَ) في المسكن ببعض الأسباب ، من إنزال من لا يوافقهنّ ، أو يشغل مكانهنّ ، أو غير ذلك ، حتّى تضطرّوهنّ فتلجأهنّ إلى الخروج.
وقيل : هو أن يراجعها إذا بقي من عدّتها يومان ليضيّق عليها أمرها.
وقيل : هو أن يلجئها إلى أن تفتدي منه.
(وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) فيخرجن من العدّة.
واعلم أنّ وجوب السكنى للمطلّقات في الآية على الإجمال ، من غير بيان كونه رجعيّا أو بائنا ، لكن السنّة الشريفة بيّنت ذلك. فنقول : المطلّقة إن كانت رجعيّة فلها استحقاق الإنفاق والإسكان. وإن كانت بائنة ، قال أبو حنيفة لها أيضا النفقة والسكنى. وهو مرويّ عن عمر وابن مسعود. وقال الشافعي : إنّ لها السكنى لا غير.
وقال الحسن وأبو ثور : إنّه لا سكنى لها ولا نفقة. وهو مذهب أصحابنا نقلا عن الأئمّة عليهمالسلام. وأيضا نقل ذلك من طريق الجمهور عن الشعبي والزهري. فيكون إطلاق الآية مخصوصا بالمطلّقة الرجعيّة.
والمطلّقة الحامل تستحقّ النفقة والسكنى إجماعا ، بائنة كانت أو رجعيّة ، لإطلاق الآية من غير تقييد. لكن اختلف الفقهاء في نفقة الحامل البائن هل هي للحامل أو للحمل؟ فقيل : للحمل ، إذ لو لاه لما كان لها شيء ، فقد دار الوجوب مع
__________________
(١) الكشّاف ٤ : ٥٥٨.