[الإسراء : ٢٢] ، وفى قوله تعالى : (فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) [الإسراء : ٢٩] فيكون كل من (مذموما وملوما) خبرا لتقعد التى بمعنى صار ، وإذا لم تكن بمعنى صار فإن كلا منهما يكون حالا منصوبة ، وأنشد فى ذلك (١) :
لا يقنع الجارية الخضاب |
|
ولا الوشاحان ولا الجلباب |
من دون أن تلتقى الأركاب |
|
ويقعد الأثير له لعاب |
أى : ويصير الأثير له لعاب.
لكن البصريين لا يقيسون هذا كلّه ، ويقتصرون به على المثل المذكور فى قولهم : «شحذ شفرته حتى قعدت كأنها حربة».
وألحق قوم منهم الزمخشرىّ (٢) وأبو البقاء والجزولى وابن عصفور (٣) بأفعال هذا الباب غدا وراح بمعنى صار. وألحق الفراء (٤) بها : أسحر ، وأفجر ، وأظهر ، أى : فيكون ذلك ملحقا بالأفعال : أصبح ، وأضحى ، وأمسى.
ويذكر ابن مالك (٥) أن الأصحّ ألا يلحق بهذا الباب آل ، وغدا ، وراح ، وأسحر ، وأفجر ، وأظهر.
ففى قول الشنفرى فى لاميته :
غدا طاويا يعارض الريح هافيا |
|
يخوت بأذناب الشّعاب ويعسل (٦) |
__________________
(١) يرجع إلى الموضعين السابقين.
(٢) المفصل ٢٦٣.
(٣) المقرب ١ ـ ٩٢.
(٤) ينظر : الهمع ١ ـ ١١٢ ، ١١٣.
(٥) التسهيل ٥٤.
(٦) الخزانة ٩ ـ ١٩٠.
طاويا : جائعا ، يعارض : يصادم ويقابل ، هافيا : مسرعا وقد اشتد عدوه ، أو : خفق وطار. يخوت : يختل ويختلس ، أو : ينقض على الصيد ، أذناب : جمع ذنب وهو مؤخر الشىء ، الشعاب : جمع شعبة بالكسر وهو الطريق فى الجبل ، وبالضم : المسيل الصغير ، يعسل : العسل والعسلان أى الخبب ، نوع من السير السريع.
(غدا) فعل ماض تام مبنى على الفتح المقدر ، منع من ظهوره التعذر ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : هو.
(طاويا) حال منصوبة ، وعلامة نصبها الفتحة. (يعارض) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة