المصدر لذات الفعل فأما اسم الفاعل فهو المترجم عن حال الفاعل لما يرجع إليه من الكناية ولأنه مبني له ، وذلك نحو : (جائني زيد راكبا) ؛ لأن في (راكب) ضمير زيد وهو اسم الفاعل لهذا الفعل ، فإن احتج القائل في إجازتنا : أخطب ما يكون الأمير يوم الجمعة فالتقدير :(أخطب أيام الأمير يوم الجمعة) فجعلت الخطبة للأيام على السعة وقد تقدم تفسير ذلك في الظروف مبينا كما قال الله عز وجل : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) [سبأ : ٣٣] أي : مكركم فيهما.
قال محمد : وجملة هذا أن الظرف من الزمان متضمن الفاعل لا يخلو منه وقد يخلو من فعل إلى آخر وقال في موضع آخر : كان سيبويه يقول في قولهم : أكثر ضربي زيدا قائما إن قائما سد مسدّ الخبر وهو حال قال : وأصله إنما هو على (إذ كان) ، وإذا كان ومثله : (أخطب ما يكون الأمير قائما وأكثر شربي السويق ملتوتا وضربي زيدا قائما) وتقول ذلك في كل شيء كان المبتدأ فيه مصدرا وكذلك إن كان في موضع الحال ظرف نحو قولك : أخطب ما يكون الأمير يوم الجمعة وأحسن ما يكون زيد عندك وقال : وكان أبو الحسن الأخفش يقول : (أخطب ما يكون الأمير قائم) ويقول : أضفت أخطب إلى أحوال قائم أحدها ويزعم سيبويه أنك إذا قلت : (أخطب ما يكون الأمير قائما) فإنما أردت : (أخطب ما يكون الأمير إذا كان قائما) فحذفت ؛ لأنه دل عليهما ما قبلها و (قائما) حال وقد بقي منها بقية وكذلك قوله : ضربي زيدا راكبا أي : إذا كان راكبا وهي (كان) التي معناها (وقع) فأما أكلي الخبز يوم الجمعة فلا يحتاج فيه إلى شيء ؛ لأن يوم الجمعة خبر المصدر وينبغي أن يكون على قول سيبويه ظننت ضربي زيدا قائما وظننت أكثر شربي السويق ملتوتا أنه أتى (لظننت) بمفعول ثان على الحال التي تسد مسد المفعول الثاني كما سدت مسد الخبر ، فإن قيل : إن الشك إنما يقع في المفعول الثاني قيل : إن الشك واقع في (إذ كان) و (إذا كان) والحال دليل ؛ لأن فيها الشك وأن يعمل فيها (ظننت) ولكن في موضعها كما كنت قائلا : القتال يوم الجمعة فتنصب يوم الجمعة بقولك القتال ، فإن جئت بظننت قلت : (ظننت القتال يوم الجمعة) فيوم الجمعة منتصب بوقوع القتال وليس (بظننت) والدليل على ذلك أنه ليس يريد أن يخبر أن القتال هو اليوم هذا محال ولكنه يخبر أن القتال في اليوم وتقول : إنّ القتال اليوم ظننت فتنصب ؛ لأن (إنّ) لا تعمل فيه شيئا إنما تعمل