إلا الكسر فهذه الدال تلك وهي على سكونها وهو الأصل على لغة أهل الحجاز ألا ترى أن الذال في (مذ واليوم في ذهبتم لما لقيها الألف واللام احتيج إلى تحريكها لالتقاء الساكنين ردّ إلى الأصل وأصلها الضم فقلت : مذ اليوم وذهبتم اليوم ؛ لأن أصل (مذ) منذ يا هذا وأصل ذهبتم : ذهبتم يا قوم فرد مذ وذهبتم إلى أصله وهي الحركة ومنهم من يفتح على كل حال إلا في الألف واللام وألف الوصل وهم بنو أسد.
قال الخليل : شبهوه (بأين وكيف) ومنهم من يدعه إذا جاء بالألف واللام مفتوحا يجعله في جميع الأشياء (كأين) ومن العرب من يكسر ذا أجمع على كل حال فيجعله بمنزلة (اضرب الرجل) ، وإن لم تجىء بالألف واللام ؛ لأنه فعل حرك لالتقاء الساكنين والذي يكسرون كعب وغني.
ولا يكسر هلم البتة من قال : هلما وهلمي ليس إلا الفتح وأهل الحجاز وغيرهم يجمعون على أنهم يقولون للنساء أرددن ؛ لأن سكون الدال هنا لا يشبه سكون الجزم ولا سكون الأمر والنهي لأنها إنما سكنت من أجل النون كما تسكن مع التاء وزعم الخليل وغيره إن ناسا من بكر بن وائل يقولون (ردّن ومرّن وردّت) كأنهم قدروا الإدغام قبل دخول النون والتاء والشعراء إذا اضطروا إلى ما يجتمع أهل الحجاز وغيرهم على إدغامه أخرجوه على الأصل ومن ذلك الهمزة إذا خففت وقبلها حرف ساكن حذفت وألقيت الحركة على الساكن وسنذكر باب الهمزة إن شاء الله.
والثاني : ما يسكن لغير جزم وإعراب :
وهو على ثلاثة أضرب : إسكان لوقف ، وإسكان لإدغام ، وإسكان لاستثقال.
أما الوقف فكل حرف يوقف عليه فحقه السكون كما أن كل حرف يبتدأ به فهو متحرك وأنا أفرد ذكر الوقف والابتداء.
وأما الإدغام فنحو قولك : (جعل لك) فمن العرب من يستثقل اجتماع كثرة المتحركات فيدغم وهذا يبين في الإدغام.
وأما إسكان الاستثقال فنحو ما حكوا في شعر امرىء القيس في قوله :