تقول : ألا سيف فأكون أول مقاتل وليت لي مالا فأعينك.
وقوله : (يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ)(١) [الأنعام : ٢٧] كان حمزة ينصب ؛ لأنه اعتبر قراءة ابن مسعود الذي كان يقرأ بالفاء وينصب.
__________________
وإنما اختير النصب لأن الوجه هاهنا ، وحد الكلام أن تقول : ما أتيتنا فحدثتنا ، فلما صرفوه عن هذا الحد ضعف أن يضموا يفعل إلى فعلت ، فحملوه على الاسم ، كما لم يجز أن يضموا إلى الاسم في قولهم : ما أنت منا فتنصرنا يعني أنت ونحوه.
وأما الذين رفعوه ، فحملوه على موضع أتيتنا ، لأن أتيتنا في موضع فعل مرفوع ، وتحدثنا هاهنا في موضع حدثتنا. وتقول : ما تأتينا فتكلم إلا بالجميل. فالمعنى : إنك لم تأتنا إلا تكلمت بجميل. ونصبه على إضمار أن كما كان نصب ما قبله على إضمار أن. وإن شئت رفعت على الشركة ، كأنه قال : وما تكلم إلا بالجميل. انظر خزانة الأدب ٣ / ٢٦٨.
(١) قرأ حمزة ، وحفص : (فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ) بنصب الياء والنون ، جعلاه جواب التمني ؛ لأن الجواب بالواو ينصب كما ينصب بالفاء ، قال الشاعر :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم |
وكما تقول : ليتك تصير إلينا ونكرمك.
المعنى : ليت مصيرك يقع وإكرامنا ، ويكون المعنى : ليت ردنا وقع ، ولا نكذب ؛ أي : إن رددنا لم نكذب.
وقرأ ابن عامر : يا ليتنا نرد ولا نكذب بالرفع ، ونكون بالنصب ، جعل الأول نسقا ، والثاني جوابا ؛ كأنه قال : ونحن لا نكذب ، ثم رد الجواب إلى (يا لَيْتَنا.)
المعنى : يا ليتنا نرد فنكون من المؤمنين.
وحجته قوله : (لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ....)
وقرأ الباقون : (يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ) بالرفع فيهما ، جعلوا الكلام منقطعا عن الأول.
قال الزجاج المعنى : أنهم تمنوا الرد ، وضمنوا أنهم لا يكذبون.
المعنى : يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب بآيات ربنا رددنا أم لم نرد ، ونكون من المؤمنين ؛ أي : عانينا وشاهدنا ما لا نكذب معه أبدا ، قال : ويجوز الرفع على وجه آخر على معنى : يا ليتنا نرد ، ويا ليتنا لا نكذب بآيات ربنا ؛ كأنهم تمنوا الرد والتوفيق للتصديق. [حجة القراءات : ١ / ٢٤٦]