ألا ترى أنّ (اطمأنّ) لامه الأولى همزة والأخريان من جنس واحد فلم يوصل إلى الإدغام حتى ألقى حركة الأولى على الهمزة وليس ذلك في باب (ضرب) ؛ لأن اللامات من جنس واحد فإذا أنت غيرت لم يخرجك ذلك من أن يكون الإستثقال على حاله كما قال سيبويه في (فعّل) من (رددت) لا أغيره لأني لو فعلت ذلك لصرت من كثرة الدالات إلى مثل ما فررت منه فأقررت البناء على أصله فكذلك هذا إذا بنيته على مثال (اطمأنّ) تركته على أصله وحقّ هذا في التقدير أن لا تجعل اللام الأولى أصلا فتكون قد جمعت بين لامين زائدتين فتجمع ما لا يجمع مثله وكذلك أيضا إن جعلت الآخرة أصلا ولكن تجعل الأولى زائدة ملحقة والثانية أصلا والآخرة زائدة ، وإذا قلت (يفعل) من ارمياّ واغزوّا قلت : يرمييّ ولم يرمييّ فاعلم ولن يرمييّ يا فتى وكذلك : يغزوّي ولن يغزوّي فاعلم ولم يغزوّ يا هذا فأمّا مثال : (اغدودن) من (رددت) فإنّك تقول : اردودّ تدغم ؛ لأن اغدودن قد تكررت فيه الدال وهو ثلاثي وليس بملحق بالأربعة ؛ لأنه ليس في الأربعة مثل : احروجم فيكون : اغدودن ملحقا به وتقول فيه من وددت ايدودّ تقلب الواو ياء لانكسار ما قبلها وهي ساكنة وتقول في (فعلول) من (غزوت) غزويّ تبدل الواو الآخرة ياء فيصير غزووي فتبدل الواو الساكنة ياء من أجل الياء التي تليها ثم تدغمها فيها فتصير بمنزلة ياء النّسب إلى عدو وغزو وتقول في مفعول من القوّة مقويّ وكان الأصل : مقووّ فغيرت لإجتماع الواوات.
قال سيبويه : تقول في (فعلول) من غزوت : غزويّ وأصلها : (غزووّ) فلمّا كانوا يستثقلون الواوين في (عييّ) ومعديّ ألزم هذا بدل الياء حيث اجتمعت ثلاث واوات مع الضمتين في (فعلول) فألزم هذا التغيير كما ألزم (محنية) البدل إذ غيرت في ثيرة وسياط ونحوهما وتقول في (فعلول) من (قويت) : قويّ تغير منهما ما غيرت من (فعلول) من (غزوت) وتقول في (أفعولة) من (غزوت) : أغزوّة وقد جاء في الكلام (أدعوّة) وقد تكون أدعيّة على أرض مسنية هذا قول سيبويه.
وتقول في (أفعول) في (قويت) أقويّ ؛ لأن فيها ما في مفعول من الواوات.