تؤجر إذا ترجمت عن الأفعال بفعل ولا يجوز البدل في الفعل إلا أن يكون الثاني من معنى الأول نحو قولك : إن تأتني تمشي أمش معك ؛ لأن المشي ضرب من الإتيان ولو قلت : إن تأتني تضحك معي آتك فجزمت تضحك لم يجز.
قال سيبويه : سألت الخليل عن قوله عز وجل : (وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا) [الروم : ٥١] فقال المعنى : ليظلّنّ ، وكذلك (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) [البقرة : ١٤٥] وإنما يقع ما بعدها من الماضي في معنى المستقبل لأنها مجازاة نظير ذلك : (وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما) [فاطر : ٤١] أي : لا يمسكهما وقال محمد بن يزيد رحمه الله : وأما قوله : والله لا فعلت ذاك أبدا فإنه لو أراد الماضي لقال : ما فعلت فإنما قلبت لأنها لما يقع ألا ترى أنها نفي سيفعل تقول : زيد لا يأكل فيكون في معنى ما يستقبل ، فإن قلت : ما يأكل نفيت ما في الحال.
والحروف تغلب الأفعال ألا ترى أنك تدخل (لم) على المستقبل فيصير في معنى الماضي تقول : لم يقم زيد : فكذلك حروف الجزاء تقلب الماضي إلى المستقبل تقول : إن أتيتني أتيتك قال أبو العباس رحمه الله : مما يسأل عنه في هذا الباب قولك : إن كنت زرتني أمس أكرمتك اليوم فقد صار ما بعد (إن) يقع في معنى الماضي فيقال للسائل عن هذا : ليس هذا من قبل (إن) ولكن لقوة كان ، وأنها أصل الأفعال وعبارتها جاز أن تقلب (إن) فتقول : إن كنت أعطيتني فسوف أكافيك فلا يكون ذلك إلا ماضيا كقول الله عز وجل : (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ) [المائدة : ١١٦] والدليل على أنه كما قلت ، وإن هذا لقوة (كان) أنه ليس شيء من الأفعال يقع بعد (إن) غير (كان) إلا ومعناه الإستقبال لا تقول : إن جئتني أمس أكرمتك اليوم.
قال أبو بكر : وهذا الذي قاله أبو العباس رحمه الله لست أقوله ولا يجوز أن تكون (إن) تخلو من الفعل المستقبل ؛ لأن الجزاء لا يكون إلا بالمستقبل وهذا الذي قال عندي نقض لأصول الكلام.