الخامس : تغير وجه الإعراب للقافية :
من ذلك إدخال الفاء في جواب الواجب ونصب ما بعدها وهذا لا يجوز في الكلام وإنّما ينصب ما بعدها إذا كان مخالفا لما قبلها ، وذلك إذا كانت جوابا لأمر أو نهي أو تمنّ أو استفهام أو نفي قال الشاعر :
سأترك منزلي لبني تميم |
|
فألحق بالحجاز فاستريحا |
وقال طرفة :
لنا هضبة لا يدخل الذّلّ وسطها |
|
ويأوي إليها المستجيز فيعصما |
وإنّما كان النصب فيما خالف الأول على إضمار (أن) إذا قال : ما تأتني فتكرمني كأنّه قال : ما يكون منك إتيان فأن تكرمني فإذا قال : أنت تأتيني فتكرمني فهو كقولك : أنت تأتيني وأنت تكرمني فإذا نصب للضرورة كان التقدير : أنت يكون منك إتيان فأن تكرمني ومن الضرورات وهو من أحسنها في هذا الباب.
وقال أبو العباس : لو تكلم بها في غير شعر لجاز ذلك قوله :
قد سالم الحيات منه القدما |
|
الأفعوان والشّجاع الشّجعما |
وذات قرنين ضموزا ضرزما |
لأنه حين قال : (سالم الحيات منه القدما) علم أنّ القدم مسالمة كما أنّها مسالمة فنصب الأفعوان بأنّ القدم سالمتها لأنك إذا قلت : سالمت زيدا وضاربت عمرا فقد كان منك مثل ما كان إليك فإنّما صلح هذا لإستغناء الكلام الأول فحملت ما بعده بعد اكتفاء الكلام على ما لا ينقض معناه وقد قرأ بعض القراء : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ)(١) [الأنعام : ١٣٧] لمّا استغنى الكلام بقوله : قتل أولادهم حمل الثاني على المعنى
__________________
(١) قوله تعالى : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ).