قال أبو بكر : وهو عندي لا يجوز البتة بوجه من الوجوه شعر ينشدونه يجعلون فيه الألف التي هي بدل من التنوين بمنزلة هاء التأنيث فيظهرون الياء قبلها كما يقولون : شقاية وشقاوة ، وذلك قوله :
إذا ما المرء صمّ فلم يكلّم |
|
وأعيا سمعه إلا ندايا |
ولاعب بالعشي بني بنيه |
|
كفعل الهرّ يلتمس العظايا |
يلاعبهم وودوا لو سقوه |
|
من الذّيفان مترعة إنايا |
فأبعده الإله ولا يؤتى |
|
ولا يعطّى من المرض الشّفايا |
قال أبو العباس : فمن أجاز هذا فلا ضرورة له في إجازته إلّا الرواية وهو أحقّ كلام بالرفع وأولى قول بالردّ وإنّما حقّ هذا الشعر أن يكون مهموزا فيقول : ولا يعطّى من المرض الشّفاء وكذلك العظاء وأعيا سمعه إلا النداء ومن ذلك إبدال الهمزة في الموضع الذي لا يقوم فيه الشعر بتحقيقه ولا تخفيفه ، فإن كان مفتوحا جعل ألفا ، وإن كان مكسورا جعل ياء ، وإن كان مضموما جعل واوا نحو قول الفرزدق :
راحت بمسلمة البغال عشيّة |
|
فأرعى فزارة لا هناك المرتع |
وقال حسان بن ثابت :
سالت هذين رسول الله فاحشة |
|
ضلّت هذيل بما قالت ولم تصب |
وقال زيد بن عمرو بن نفيل :
سالتاني الطّلاق إن رأتاني |
|
قلّ مالي قد جئتماني بنكر |
فهذان ليس من لغتهما (سلت أسأل وسلت أسال) لغة من غير هذا الأصل (كخفت أخاف) في التقدير والوزن ليس من أصل الهمزة ويقول : هم يتساولان كقولك : يتقاولان ومن الهمزة المبدلة للضرورة :
لا يرهب ابن العمّ متى صولتي |
|
ولا أختتي من صولة المتهدّد |
وإنّما يقال : (اختتأت) إذا استترت من خضوع وفرق.