فيه النون وتخلو منه فالأمر والنهي وما جرت مجراهما من الأفعال غير الواجبة ، وذلك قولك : أفعلنّ ذاك ولا تفعلنّ وهل تقولنّ وأتقولنّ ؛ لأن معنى الاستفهام معنى أخبرني.
وكذلك جميع حروف الاستفهام وزعم يونس أنك تقول : هلا تفعلنّ وألا تقولنّ لأنك تعرض ومعناه أفعل ومثل ذلك : لو لا تقولنّ ؛ لأنه عرض.
ومن مواضعها حروف الجزاء إذا أوقعت بينها وبين الفعل (ما) للتوكيد تقول : إمّا تأتني آتك وأيّهم ما يقولنّ ذاك نجزه وقد تدخل بغير (ما) في الجزاء في الشعر.
وقد أدخلت في المجزوم تشبيها به للجزم ولا يجوز إلا في ضرورة قال الشاعر :
يحسبه الجاهل ما لم يعلما |
|
شيخا على كرسيّه معمّما (١) |
والخفيفة والثقيلة سواء ، ويقولون : أقسمت لمّا لم تفعلن ؛ لأن ذا طلب.
وزعم يونس : أنّهم يقولون ربّما تقولنّ ذاك وكثر ما تقولنّ ذاك ؛ لأنه فعل غير واجب ولا يقع بعد هذه الحروف إلا و (ما) له لازمة ، وإن شئت لم تدخل النون فهو أجود فهذه النون تفتح ما قبلها مرفوعا كان أو مجزوما.
فإذا أدخلت النون الشديدة على (يفعلان) حذفت النون التي هي علامة الرفع لإجتماع النونات ولأن حقه البناء فينبغي أن تطرح الذي هو علامة الرفع وكذلك النون في (يفعلون) تقول : ليفعلن ذاك وقد حذفت النون فيما هو أشد من هذا لإجتماع النونات قرأ بعض القراء : (أتحاجونّي) و (فبم تبشرونّ) وسقطت الواو لالتقاء الساكنين فصار ليفعلنّ ، فإن أدخلتها على (تضربين) حذفت أيضا النون لإجتماع النونات لأنها تكون علما للرفع وحذفت الياء لالتقاء الساكنين فقلت : هل تضربين وتقول : اضربن زيدا وأكرمن عمرا وكان الأصل اضربي
__________________
(١) على أن نون التوكيد تدخل بعد لم تشبيها لها بلا النهي عند سيبويه. وأنشد هذا الشعر.
وتقدم نقل كلامه قبل أربعة أبيات ، وأنه عند ضرورة ، وأصله ما لم يعلمن ، فقلبت النون ألفا للوقف.
قال ابن الأنباري في مسائل الخلاف : يدل على أن النون الخفيفة ليست مخففة من الثقيلة أنها تتغير في الوقف ، ويقف عليها بالألف ، قال تعالى : "لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ" ، وقال تعالى : "لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ" أجمع القراء على أن الوقف فيهما بألف لا غير. انظر خزانة الأدب ٤ / ٢١٨.