السادس : ما أعمل من الصفات تشبيها بأسماء الفاعلين وعمل عمل الفعل :
وذلك نحو (حسن وشديد وكريم) إذا قلت : هو كريم حسب الأب ، وهو حسن وجها لم يجز أن تقول : هو وجها حسن ولا هو حسب الأب كريم وما كان من الصفات لا يشبه أسماء الفاعلين فهو أبعد له من العمل والتقديم وكل ما كان فيه معنى فعل وليس بفعل ولا اسم فاعل فلا يجوز أن يتقدم ما عمل فيه عليه.
السابع : التمييز :
اعلم أن الأسماء التي تنتصب انتصاب التمييز لا يجوز أن تقدم على ما عمل فيها ، وذلك قولك : (عشرون درهما) لا يجوز : (درهما عشرون) وكذلك له عندي رطل زيتا لا يجوز : (زيتا رطل) وكذلك إذا قلت : (هو خير عبدا) لا يجوز : (هو عبدا خير) ، فإن كان العامل في التمييز فعلا فالناس على ترك إجازة تقديمه سوى المازني ومن قال بقوله ، وذلك قولك : (تفقأت سمنا) فالمازني يجيز : (سمنا تفقأت) وقياس بابه أن لا يجوز ؛ لأنه فاعل في الحقيقة وهو مخالف للمفعولات ألا ترى أنه إذا قال : (تفقأت شحما) فالشحم هو المفقىء كما أنه إذا قال : (هو خير عبدا) فالعبد هو خير ولا يجوز تعريفه فبابه أولى به ، وإن كان العامل فيه فعلا وفي الجملة أن المفسر إنّما (ينبغي أن) يكون بعد المفسر واختلف النحويون في : بطرت القرية معيشتها وسفه زيد رأيه فقال بعضهم : نصبه كنصب التفسير والمعنى : (سفه رأي زيد) ثم حول السفه إلى زيد فخرج الرأي مفسرا فكأن حكمه أن يكون : (سفه زيد رأيا) فترك على إضافته ونصب كنصب النكرة قالوا : وكما لا يجوز تقديم ما نصب على التفسير لا يجوز تقديم هذا وأجاز بعض التقديم وهو عندي القياس ؛ لأن المفسر لا يكون إلا نكرة وإنما يجري هذا والله أعلم على :جهل زيد رأيه وضيّع زيد رأيه.
وما أشبه هذا وكذلك : (بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) [القصص : ٥٨] كأنه : كرهت معيشتها وأحسب البطر أنه كراهية الشيء من غير أن يستحق أن يكره وكان شيخنا رحمه الله لا يجيز :(وجع عبد الله رأسه) في تقديم ولا تأخير ؛ لأن (وجع) لا يكون متعدية وهي جائزة في قول الكسائي والفراء.