العاشر : أن يفرق بين العامل والمعمول فيه بما ليس للعامل فيه سبب وهو غريب منه :
وقد بينا أنّ العوامل على ضربين : فعل وحرف ، وقد شرحنا أمر الحرف فأما الفعل الذي لا يجوز أن يفرق بينه وبين ما عمل فيه فنحو قولك : (كانت زيدا الحمى تأخذ) هذا لا يجوز لأنك فرقت بين (كان) واسمها بما هو غريب منها ؛ لأن (زيدا) ليس بخبر لها ولا اسم ولا يجوز : (زيد فيك وعمرو رغب) إذا أرددت : (زيد فيك رغب وعمرو) لأنك فرقت بين (فيك) ورغب بما ليس منه.
وإذا قلت : (زيد راغب نفسه فيك) فجعلت (نفسه) تأكيدا (لزيد) لم يجز لأنك فرقت بين (راغب وفيك) بما هو غريب منه ، فإن جعلت (نفسه) تأكيدا لما في (راغب) جاز وكذلك الموصولات لا يجوز أن يفرق بين بعض صلاتها وبعض بشيء غريب منها تقول : (ضربي زيدا قائما) تريد : إذا كان قائما (فقائما) حال لزيد وقد سدت مسدّ الخبر ؛ لأن (ضربي) مبتدأ ، فإن قدمت (قائما) على زيد لم يجز ؛ لأن (زيدا) في صلة (ضربي) و (قائما) بمنزلة الخبر فكما لا يجوز :(ضربي حسن زيدا) تريد : (ضربي زيدا حسن) كذاك لا يجوز هذا وكذلك جميع الصلات.
الحادي عشر : تقديم المضمر على الظاهر في اللفظ والمعنى :
أما تقديم المضمر على الظاهر الذي يجوز في اللفظ فهو أن يكون مقدما في اللفظ مؤخرا في معناه ومرتبته ، وذلك نحو قولك : (ضرب غلامه زيد) كان الأصل : ضرب زيد غلامه فقدمت ونيتك التأخير ومرتبة المفعول أن يكون بعد الفاعل فإذا قلت : (ضرب زيدا غلامه) كان الأصل : (ضرب غلام زيد زيدا) فلما قدمت (زيدا) المفعول فقلت : ضرب زيدا قلت : غلامه وكان الأصل : (غلام زيد) فاستغنيت عن إظهاره لتقدمه قال الله عز وجل : وإذا (ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) [البقرة : ١٢٤].
وهذه المسألة في جميع أحوالها لم تقدم فيها مضمرا على مظهر ، إنما جئت بالمضمر بعد المظهر إذا استغنيت عن إعادته فلو قدمت فقلت : (ضرب غلامه زيدا) تريد : ضرب زيدا غلامه لم يجز لأنك قدمت المضمر على الظاهر في اللفظ والمرتبة ؛ لأن حق الفاعل أن يكون قبل