في غير موضعه بالصفة التي ذكرت لك وأجمعوا على قولهم : (أحرز زيدا أجله) وفي القرآن :(لا ينفع نفسا إيمانها) ؛ لأنه ليس في ذا تقديم مضمر على ظاهر وأجمعوا على : (أحرز زيدا أجله) وعلى : (زيدا أحرز أجله) ، فإن قالوا : (زيدا أجله أحرز) فأكثر النحويين المتقدمين وغيرهم يحيلها إلّا هشاما وهي تجوز ؛ لأن المعنى : (أجل زيد أحرز زيدا) فلما قلت : (زيدا أجل زيد أحرز) لم تحتج إلى إظهار زيد مع الأجل واختلفوا في (ثوب أخويك يلبسان) وهي عندي جائزة ؛ لأن المعنى : (ثوب أخويك يلبس أخواك) فاستغنى عن إعادة الأخوين بذكرهما فأضمرا.
وأجاز الفراء : دار قومك يهدم هم (ويهدمون هم) وتقول : (حين يقوم زيد يغضب) لأنك تريد : (حين يقوم زيد يغضب زيد) فلو أظهرته لجاز واستغنى عن إضماره بذكر زيد ولو أظهرته لظن أنه زيد آخر وهو على إلباسه يجوز وليس هذا مثل : (زيدا ضرب) إذا أردت :(ضرب نفسه) لأن هذا إنما امتنع ؛ لأنه فاعل مفعول وقد جعلت المفعول لا بدّ منه وحقّ الفاعل أن يكون غير المفعول إلا في الظن وأخواته فإذا أردت هذا المعنى قلت : (ضرب زيدا نفسه) (وضرب زيد نفسه) وقالوا : فإن لم تجيء بالنفس فلا بدّ من إظهار المكنى ليقوم مقام ما هو منفصل من الفعل ؛ لأن الضمير المنفصل بمنزلة الأجنبي فتقول : (ضرب زيدا هو) (وضرب زيد إيّاه) واحتجوا بقوله عز وجل : (وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) [المدثر : ٣١] كأنه في التقدير : (وما يعلم جنود ربك إلّا ربّك) ولو جاز أن تقول : ضربتني وضربتك فأوقعت فعلك على نفسك ومن تخاطبه للزمك أن تقول : (ضربه) للغائب فتوقع فعل الغائب على نفسه بالكناية فلا يعلم لمن الهاء فإذا قلت : (ضرب نفسه) بأنّ لك ذلك وما الذي يجوز فيه تعدى فعل الفاعل إلى نفسه فقولك : (ظننتي قائما وخلتني جالسا) ، فإن هذا وما أشبهه يتعدى فيه فعل المضمر إلى المضمر ولا يتعدى فعل المضمر إلى الظاهر ؛ لأنه يصير في المفعول الذي هو فضلة لا بدّ منه وإلا بطل الكلام.
وهذه مسألة شرحها أبو العباس وذكر قول أصحابه ثم قوله قال : قال سيبويه : (أزيدا ضربه أبوه) ؛ لأن ما كان من سببه موقع به الفعل كما يوقعه ما ليس من سببه ولا أقول : (أزيدا