ضرب) فيكون الضمير في (ضرب) هو الفاعل وزيد مفعول فيكون هو الضارب نفسه وأضع الضمير في موضع أبيه حيث كان فاعلا قيل له : لم لا يجوز هذا وما الفصل بينه وبين أبيه وقد رأينا ما كان من سببه يحلّ محله في أبواب فالجواب في ذلك : أن المفعول منفصل مستغن عنه بمنزلة ما ليس في الكلام وإنما ينبغي أن يصحح الكلام بغير مفعول ثم يؤتي بالمفعول فضلة وأنت إذا قلت : (أزيدا ضرب) فلو حذفت المفعول بطل الكلام فصار المفعول لا يستغنى عنه وإنما الذي لا بدّ منه مع الفعل الفاعل.
وكذلك لا تقول : (أزيدا ظنه منطلقا) ؛ لأن الفاعل إذا مثل بطل فصرت إن قدمته لتضعه في موضعه صار (ظنّ زيدا منطلقا) فأضمرت قبل الذكر ولكن لو قلت : (ظنه زيد قائما) وإياه ظن زيد أخا كان أجود كلام ؛ لأن فعل زيد يتعدى إليه في باب (ظننت وعلمت وأخواتهما) ولا يتعدى إليه في (ضرب) ونحوه ألا ترى أنك تقول : غلام هند ضربها فترد الضمير إليها لأنها مستغن عنها لأنك لو قلت (غلام هند ضرب) لم تحتج إلى المفعول فلما كانت في ذكرك رددت إليها وحلت محل الأجنبي ولو قلت : (غلام هند ضربت) تجعل ضمير هند الفاعل لكان غلطا عند بعضهم ؛ لأن هندا من تمام الغلام والغلام مفعول فقد جعلت المفعول الذي هو فضلة لا بدّ منه ليرجع الضمير الذي هو الفاعل إليه ، فإن قلت : فما بالي أقول : (غلام هند ضاربته هي) فيجوز واجعل هي إن شئت إظهار الفاعل وهو (لهند) ، وإن شئت ابتداء وخبرا فالجواب فيه أنه إنما جاز هنا ؛ لأن الغلام مبتدأ و (ضاربته) على هذا التقدير مبتدأ والفاعل يسدّ مسدّ الخبر فهو منفصل بمنزلة الأجنبي ألا ترى أنّك لو وضعت مكان (هي) جاريتك أو غيرها استقام والفاعل المتصل لا يحل محلّه غيره ، فإن قلت أفتجيز : (غلام هند ضاربته هي) تجعل (هي) إن شئت ابتداء مؤخرا ، وإن شئت جعلت (ضاربته) ابتداء و (هي) فاعل يسدّ مسد الخبر فكل هذا جيد ؛ لأن (هي) منفصل بمنزلة الأجنبي ولو قلت : (غلام هند ضربت أمّها) كان جيدا ؛ لأن الأم منفصلة وإنّما أضفتها إلى هند لما تقدم من ذكرها فهند هاهنا وغيرها سواء ألا ترى أني لو قلت : غلام هند ضربت أمّ هند كان بتلك المنزلة إلا أن الإضمار أحسن لما تقدم الذكر والضمير المتصل لا يقع موقعه المنفصل المذكور إلا على معناه وتقديره وإنما هذا