كقولك : (زيدا ضرب أبوه) ؛ لأن الأب ظاهر ولو حذفت ما أضفت إليه صلح فقلت : أب وغلام ونحوهما والأول بمنزلة : (زيدا ضرب) الذي لا يحل محله ظاهر فلذلك استحال.
قال أبو العباس : وأنا أرى أنه يجوز : (غلام هند ضربت) وباب جوازه أنّك اضمرت (هندا) لذكرك إياها وكان التقدير غلام هند (ضربت هند) فلم تحتج إلى إظهارها لتقدم ذكرها وكان الوجه (غلامها ضربت هند) ويجوز الإظهار على قولك : (ضرب أبا زيد زيد) ولو قلت : (أباه) كان أحسن فإنما أضمرتها في موضع ذكرها الظاهر ولكن لا يجوز بوجه من الوجوه : (زيدا ضرب) إذا جعلت ضمير زيد ناصبا لظاهره لعلتين : إحداهما : أنّ فعله لا يتعدى إليه في هذا الباب لا تقول : (زيد ضربه) إذا رددت الضمير إلى (زيد) ولا تقول : ضربتني إذا كنت الفاعل والمفعول وقد بين هذا والعلة الأخرى : ما تقدم ذكره من أن المفعول الذي فضلة يصير لازما ؛ لأن الفاعل الذي لا بدّ منه معلق به ولهذا لم يجز : زيدا ظنّ منطلقا إذا أضمرت (زيدا) في (ظنّ) ، وإن كان فعله في هذا الباب يتعدى إليه نحو : (ظننتي أخاك) ولكن لم يتعد المضمر إلى الظاهر لما ذكرت لك ، وأما (غلام هند ضربت) فجاز ؛ لأن هندا غير الغلام ، وإن كانت بالإضافة قد صارت من تمامه ألا ترى أنك تقول : (غلام هند ضربها) ولا تقول : (زيد ضربه).
فهذا بين جدا واختلفوا في : (ضربني وضربت زيدا) فرواه سيبويه وذكر : أنهم أضمروا الفاعل قبل ذكره على شريطة التفسير وزعم الفراء : أنه لا يجيز نصب (زيد) وأجاز الكسائي على أن (ضرب) لا شيء فيها وحذف (زيدا) وقال بعض علمائنا (رحمه الله) : والذي قال الفراء : لو لا السماع لكان قياسا.
وأما (عبد الله زيد ضارب أباه) فالبصريون يجيزون : (أباه عبد الله زيد ضارب) وغيرهم لا يجيزها وهو عندي : قبيح لبعد العامل من الذي عمل فيه.
و (طعامك زيد يأكل أبوه) لا يجيزها الفراء ولا يجيز : (آكل) أيضا ويجيزها الكسائي إذا قال : (طعامك زيد آكل أبوه) ؛ لأن زيدا ارتفع عنده (بآكل) فأجاز تقديم الطعام ولما كان