يرتفع بما عاد عليه من الذكر لم يجزه وقال الفراء : هو في الدائم غير جائز ؛ لأنه لا يخلو من أن أقدره تقدير الأفعال فيكون بمنزلة الماضي والمستقبل إذا قدره تقدير الأسماء فلا يجوز أن أقدم مفعول الأسماء ولكني أجيزه في الصفات ويعني بالصفات (الظروف) وهذه المسألة لم يقدم فيها مضمر على ظاهر.
والمضمر في موضعه إلا أن (أبوه) فاعل (يأكل) وطعامك مفعول وقد بعد ما بينهما وفرقت بين الفاعل والمفعول به (بزيد) وليس له في الفعل نصيب ولكن يجوز أن تقوله من حيث قلت : (طعامك زيد يأكل) فالفاعل مضمر فقام (أبوه) مقام ذلك المضمر.
الثاني عشر : التقديم إذا ألبس على السامع أنه مقدم :
وذلك نحو قولك : (ضرب عيسى موسى) إذا كان (عيسى) الفاعل لم يجز أن يقدم (موسى) عليه ؛ لأنه ملبس لا يبين فيه إعراب وكذلك : (ضرب العصا الرجى) لا يجوز التقديم والتأخير ، فإن قلت : (كسر الرحى العصا) وكانت الرحى هي الفاعل وقد علم أنّ العصا لا تكسر الرحى جاز التقديم والتأخير ومن ذلك قولك : (ضربت زيدا قائما) إذا كان السامع لا يعلم من القائم الفاعل أم المفعول لم يجز أن تكون الحال من صاحبها إلا في وضع الصفة ولم يجز أن تقدم على صاحبها ، فإن كنت أنت القائم قلت : (ضربت قائما زيدا) ، وإن كان زيد القائم قلت : ضربت زيدا قائما ، فإن لم يلبس جاز التقديم والتأخير وكذلك إذا قلت :(لقيت مصعدا زيدا منحدرا) لا يجوز أن يكون المصعد إلا أنت والمنحدر إلا (زيد) لأنك إن قدمت وأخرت التبس ولو قلت : (ضرب هذا هذا) تريد تقديما وتأخيرا لم يجز فإذا قلت :(ضرب هذا هذه) جاز التقديم والتأخير فقلت : (ضربت هذه هذا) ؛ لأنه غير ملبس ولو قلت : (ضرب الذي في الدار الذي في البيت) لم يجز التقديم والتأخير لإلباسه ومن ذلك إذا قلت : (أعطيت زيدا عمرا) لم يجز أن تقدم (عمرا) على (زيد) وعمرو هو المأخوذ ؛ لأنه ملبس إذا كان كل واحد منهما يجوز أن يكون الآخذ فإذا قلت : (أعطيت زيدا درهما) جاز التقديم والتأخير فقلت : (أعطيت درهما زيدا) ؛ لأنه غير ملبس والدرهم لا يكون إلا مأخوذا.