قال الحلبي في سيرته : من وقف على ما وقع بينه وبين معاوية لرأى العجب من وفور عقله.
وقال ابن كثير في البداية (١) (٨ / ٩٩) : ولاّه عليٌّ نيابةَ مصر وكان يقاوم بدهائه وخديعته وسياسته لمعاوية وعمرو بن العاص.
وكان الإمام السبط الحسن يوصي أمير عسكره عبد الله بن العبّاس وهو أمير اثني عشر ألفاً من فرسان العرب ، وقرّاء مصر ، بمشاورة قيس بن سعد والمراجعة إليه في مهامِّ الحرب مع معاوية ، والأخذ برأيه في سياسة الجيش ، كما يأتي حديثه.
وكان ثقيلاً جدّا على معاوية وأصحابه ، ولمّا قدم قيس إلى المدينة من مصر ، أخافه مروان والأسود بن أبي البختري ، فظهر قيس إلى عليٍّ عليهالسلام فكتب معاوية إلى مروان والأسود يتغيّظ عليهما ، ويقول : أمددتما عليّا بقيس بن سعد ورأيه ومكايدته ، فو الله لو أنَّكما أمددتماه بمائة ألف مقاتل ، ما كان ذلك بأغيظ إليَّ من إخراجكما قيس ابن سعد إلى عليّ. تاريخ الطبري (٢) (٦ / ٥٣).
وعالج معاوية قلوب أصحابه ، وأمّنهم من ناحية قيس ، بافتعال كتاب عليه وقراءته على أهل الشام ، كما يأتي تفصيله.
وكان قيس يرى نفسه في المكيدة والدهاء فوق الكلّ وأولى الجميع ، ويقول : لو لا أنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «المكر والخديعة في النار» لكنت من أمكر هذه الأمّة (٣) ، ويقول : لو لا الإسلام لمكرت مكراً لا تطيقه العرب (٤).
__________________
(١) البداية والنهاية : ٨ / ١٠٧ حوادث سنة ٥٩ ه.
(٢) تاريخ الأُمم والملوك : ٥ / ٩٤ حوادث سنة ٣٨ ه.
(٣) أُسد الغابة : ٤ / ٢١٥ [٤ / ٤٢٦ رقم ٤٣٤٨] ، تاريخ ابن كثير : ٨ / ١٠١ [٨ / ١٠٩ حوادث سنة ٥٩ ه]. (المؤلف)
(٤) الدرجات الرفيعة [ص ٣٣٥] ، الإصابة : ٣ / ٢٤٩ [رقم ٧١٧٧]. (المؤلف)