حتى يشترط لشيعة عليّ ولمن كان اتّبعه على أموالهم ودمائهم ، وما أصابوا في الفتنة ، فأرسل معاوية إلى قيس يقول : على طاعة من تُقاتل ، وقد بايعني الذي أعطيته طاعتك؟ فأبى قيس أن يلين له ، حتى أرسل اليه معاوية بسجلّ قد ختم عليه في أسفله ، وقال : اكتب في هذا ما شئت فهو لك. فقال عمرو بن العاص لمعاوية : لا تعطه هذا وقاتله.
فقال معاوية : على رسلك فإنّا لا نخلص إلى قتلهم حتى يقتلوا أعدادهم من أهل الشام ، فما خير العيش بعد ذلك؟! فإنّي والله لا أقاتله أبداً حتى لا أجد من قتاله بُدّا.
فلمّا بعث إليه معاوية ذلك السجل ، اشترط قيس له ولشيعة عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام الأمان على ما أصابوا من الدماء والأموال ، ولم يسأل في سجلّه ذلك مالاً ، وأعطاه معاوية ما سأل ، ودخل قيس ومن معه في طاعته (١).
قال أبو الفرج (٢) : فأرسل معاوية إليه يدعوه إلى البيعة ، فلمّا أرادوا إدخاله إليه ، قال إنّي حلفت أن لا ألقاه إلاّ بيني وبينه الرمح أو السيف. فأمر معاوية برمح وسيف فوضعا بينهما ليبرَّ يمينه ، فلمّا دخل قيس ليبايع ، وقد بايع الحسن عليهالسلام فأقبل على الحسن عليهالسلام فقال : أفي حلٍّ أنا من بيعتك؟. فقال : «نعم». فأُلقي له كرسيٌّ ، وجلس معاوية على سرير والحسن معه ، فقال له معاوية : أتبايع يا قيس؟ قال : نعم. ووضع يده على فخذه ولم يمدّها إلى معاوية ، فجاء معاوية من سريره ، وأكبّ على قيس حتى مسح يده ، وما رفع إليه قيس يده (٣).
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٦ / ٩٤ [٥ / ١٦٤ حوادث سنة ٤١ ه] ، كامل ابن الأثير : ٣ / ١٦٣ [٢ / ٤٤٨ حوادث سنة ٤١ ه]. (المؤلف)
(٢) مقاتل الطالبيّين : ص ٧٩.
(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٤ / ١٧ [١٦ / ٤٨ كتاب ٣١]. (المؤلف)