قتل عثمان ، ونقرّره بذلك ، ولا يستطيع أن يغيِّر علينا شيئاً من ذلك. قال معاوية : إنّي لا أرى ذلك ولا أفعله. قالوا : عزمنا عليك يا أمير المؤمنين لَتفعلَنَّ. فقال : ويْحَكم لا تفعلوا ، فو الله ما رأيته قطُّ جالساً عندي إلاّ خفتُ مقامه وعيبه لي. قالوا : ابعث إليه على كلِّ حال. قال : إن بعثتُ إليه لأُنصِفَنَّه منكم. فقال عمرو بن العاص : أتخشى أن يأتي باطله على حقِّنا؟! أو يربي قوله على قولنا؟ قال معاوية : أما إنّي إن بعثتُ إليه لآمرنَّه أن يتكلّم بلسانه كلّه. قالوا : مُره بذلك. قال : أمّا إذا عصيتموني وبعثتم إليه وأبيتم إلاّ ذلك ، فلا تمرضوا له في القول ، واعلموا أنَّهم أهل بيت لا يعيبهم العائب ، ولا يَلصقُ بهم العار ، ولكن اقذفوه بحجره ، تقولون له : إنَّ أباك قتل عثمان ، وكره خلافة الخلفاء من قبله.
فبعث إليه معاوية ، فجاءه رسوله ، فقال : إنَّ أمير المؤمنين يدعوك. قال : «من عنده؟» فسمّاهم ، فقال الحسن عليهالسلام : «ما لهم؟ خرَّ عليهم السقف مِن فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون». ثمّ قال : «يا جارية ابغيني ثيابي ، اللهمّ إنّي أعوذ بك من شرورهم ، وأدرأ بك في نحورهم ، وأستعين بك عليهم ، فاكْفِنيهم كيف شئت ، وأنّى شئت ، بحول منك وقوّة يا أرحم الراحمين».
ثمّ قام فدخل على معاوية. إلى أن قال : فتكلّم عمرو بن العاص ، فحمد الله وصلّى على رسوله ، ثمّ ذكر عليّا عليهالسلام فلم يترك شيئاً يعيبه به إلاّ قاله ، وقال : إنّه شتم أبا بكر ، وكره خلافته ، وامتنع من بيعته ثمّ بايعه مكرهاً ، وشرك في دم عمر ، وقتل عثمان ظلماً ، وادّعى من الخلافة ما ليس له. ثمّ ذكر الفتنة يعيِّره بها ، وأضاف إليه مساوئ. وقال : إنّكم يا بني عبد المطّلب لم يكن الله ليعطيكم الملك على قتلكم الخلفاء ، واستحلالكم ما حرّم الله من الدماء ، وحِرصِكم على المُلك ، وإتيانِكم ما لا يَحِلُّ! ثمّ إنّك يا حسن تحدِّث نفسك أنّ الخلافةَ صائرةٌ إليك ، وليس عندك عقلُ ذلك ولا لبُّه ، كيف ترى الله سبحانه سلبك عقلك ، وتركك أحمق قريش ، يُسخَرُ منك ويُهزَأُ بك! وذلك لسوء عمل أبيك ، وإنّما دعوناك لِنَسُبّك وأباك. فأمّا أبوك فقد تفرّد