الله به وكفانا أمره ، وأمّا أنت فإنَّك في أيدينا نختار فيك الخصال ، ولو قتلناك ما كان علينا إثمٌ من الله ، ولا عيبٌ من الناس ، فهل تستطيع أن تردَّ علينا وتكذِّبنا؟ فإن كنت ترى لأنّا كذبنا في شيء فاردُدْهُ علينا فيما قلنا ، وإلاّ فاعلم أنَّك وأباك ظالمان.
فتكلّم الحسن بن عليّ عليهماالسلام فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسوله ـ إلى أن قال لعمرو بعد جُمل ذكرت (ص ١٢٢) ـ :
«وقاتلتَ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في جميع المشاهد ، وهجوتَه وآذيتَه بمكّة ، وكِدْتَه كَيْدَك كلّه ، وكنت من أشدِّ الناس له تكذيباً وعداوةً ، ثمَّ خرجتَ تريد النجاشيَّ مع أصحابِ السفينة ، لتأتي بجعفر وأصحابه إلى أهل مكّة ، فلمّا أخطأكَ ما رجوتَ ، ورجعك الله خائباً ، وأكذَبَك واشياً. جعلتَ حسدَكَ على صاحبك عمارة بن الوليد ، فوشيتَ به إلى النجاشي ، حسداً لما ارتكب من حليلته ، ففضحكَ الله وفضحَ صاحبك ، فأنت عدوُّ بني هاشم في الجاهليّة والإسلام ، ثمّ إنّك تعلم ، وكلُّ هؤلاء الرهط يعلمون : أنَّك هجوت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بسبعين بيتاً من الشعر ، فقال رسول الله : اللهمّ إنّي لا أقول الشعر ولا ينبغي لي ، اللهمّ العنه بكلِّ حرف ألف لعنة. فعليك إذن من الله ما لا يُحصى من اللعن.
وأمّا ما ذكرت من أمر عثمان ، فأنت سعّرت عليه الدنيا ناراً ، ثمَّ لحقتَ بفلسطين ، فلمّا أتاك قتله قلت : أنا أبو عبد الله إذا نكأتُ ـ أي : قشرت ـ قرحةً أدميتها. ثمّ حبستَ نفسك إلى معاوية ، وبعتَ دينك بدنياه ، فلسنا نلومك على بغض ، ولا نعاتبك على وُدّ ، وبالله ما نصرتَ عثمان حيّا ، ولا غضبت له مقتولاً.
ويحك يا ابن العاص ألست القائل في بني هاشم لمّا خرجت من مكّة إلى النجاشي :
تقول ابنتي أين هذا الرحيلُ |
|
وما السيرُ منِّي بمُسْتَنكَرِ |