كما فعله على عثمان حتى قتله ، وافتخر به بقوله : أنا أبو عبد الله قتلته وأنا بوادي السباع. ثمّ جعل قميصه وسيلة النيل إلى الرتبة والراتب ، وقام بطلب دمه ، قائلاً : إنَّ في النفس من ذلك ما فيها.
وممّن حثّهم على أمير المؤمنين وألّبهم عليه حريثٌ مولى معاوية بن أبي سفيان. قال ابن عساكر في تاريخه (١) (٤ / ١١٣) : قال معاوية لحريث : اتَّق عليّا ثمَّ ضع رمحك حيث شئت. فقال له عمرو بن العاص : إنَّك والله يا حريث لو كنت قرشيّا لأحبّ معاوية أن تقتل عليّا ، ولكن كره أن يكون لك حظّها! فإن رأيت منه فرصة فاقتحم عليه.
ولمّا قُتل أمير المؤمنين عليهالسلام استبشر بذلك ، وبشّره به سفيان بن عبد شمس بن أبي وقّاص. قال ابن عساكر في تاريخه (٢) (٦ / ١٨١) : لمّا طُعن أمير المؤمنين عليُّ بن أبي طالب رضى الله عنه ، ذهب سفيان يبشّر معاوية وعمرو بن العاص بقتله ، فكتب معاوية إلى عمرو وهو يقول :
وَقَتْكَ وأسبابُ المنونِ كثيرةٌ |
|
منيّةُ شيخٍ من لؤيِّ بنِ غالبِ |
فيا عمرو مهلاً إنّما أنت عمُّهُ |
|
وصاحبُه دون الرجالِ الأقاربِ |
نجوتَ وقد بلَّ المراديُّ سيفَهُ |
|
من ابن أبي شيخِ الأباطحِ طالبِ |
ويضربُني بالسيفِ آخرُ مثلُهُ |
|
فكانت عليه تلك ضربة لازبِ |
وأنت تناغي كلَّ يوم وليلةٍ |
|
بمصرك بيضاً كالظِباء الشوازبِ (٣) |
هذه نفسيّة الرجل وتمام حقيقته اللائحة على تجارته البائرة ، وصفقته الخاسرة ، وبضاعته المزجاة من الدين المبطّن بالإلحاد والمكتنف بالنفاق ، ولو لم يكن
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق : ٤ / ٣٣٠ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٦ / ٢٧٥.
(٢) المصدر السابق : ٧ / ٣٧٦ ، تهذيب تاريخ دمشق : ٦ / ١٨٣ ترجمة سفيان بن عبد شمس.
(٣) الشوازب : المضمّرات.