وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يحثُّ الشعراء إلى هذه الناحية ، ويأمرهم بالاحتفاظ بها ، ويرشدهم إلى أخذ حديث المخالفين له وأحسابهم ، وتأريخ نشآتهم ممّن يعرفها ، وهجائهم ، كما كان يأمرهم بتعلّم القرآن العزيز ، وكان يراه نصرةً للإسلام وجهاداً دون الدين الحنيف ، وكان يصوِّر للشاعر جهاده وينصّ به ، ويقول :
«اهجوا بالشعر ؛ إنَّ المؤمن يجاهد بنفسه وماله ، والذي نفس محمد بيده كأنّما تنضحونهم بالنبل». وفي لفظ آخر : «فكأنّ ما ترمونهم به نضح النبل». وفي ثالث : «والذي نفس محمد بيده فكأنّما تنضحونهم بالنبل فيما تقولون لهم من الشعر» (١).
وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم يثوِّر شعراءه إلى الجدال بنبال النظم وحسام القريض ، ويحرِّضهم ٢ / ٨ إلى الحماسة في مجابهة الكفّار في قولهم المضادِّ لمبدئه القدسيِّ ، ويبثُّ فيهم روحاً دينيّا قويّا ، ويؤكِّد فيهم حميّةً تجاه الحميّة الجاهليّة ، وكان يوجِد فيهم هياجاً ونشاطاً في النشر والدعاية ، وشوقاً مؤكّداً إلى الدفاع عن حامية الإسلام المقدّس ، ورغبةً في المجاهدة بالنظم بمثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم للشاعر : «اهج المشركين ؛ فإنَّ روح القدُس معك ما هاجيتهم» (٢) ، وقوله : «اهجُهم ؛ فإنَّ جبريل معك» (٣).
قال البراء بن عازب : إنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قيل له : إنَّ أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب يهجوك ، فقال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله ائذن لي فيه.
فقال : «أنت الذي تقول : ثبّت الله؟». قال : نعم.
قلت يا رسول الله :
__________________
(١) مسند أحمد : ٣ / ٤٦٠ ، ٤٥٦ ، ٦ / ٣٨٧ [٤ / ٤٩٨ ح ١٥٣٦٩ ، ص ٤٩٢ ح ١٥٣٥٩ ، ٧ / ٥٣٣ ح ٢٦٦٣٣]. (المؤلف)
(٢) مسند أحمد : ٤ / ٢٩٨ [٥ / ٣٨٣ ح ١٨١٦٨] ، مستدرك الحاكم : ٣ / ٤٨٧ [٣ / ٥٥٥ ح ٦٠٦٢]. (المؤلف)
(٣) مسند أحمد : ٤ / ٢٩٩ ، ٣٠٢ ، ٣٠٣ [٥ / ٣٨٤ ح ١٨١٧ ، ص ٣٨٩ ح ١٨٢١٤ ، ص ٣٩١ ح ١٨٢٢٢]. (المؤلف)