إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان» (١).
ومن هنا يقبل الإيمان ضعفاً وقوّةً ، وزيادةً ونقصاً ، ويتّصف الإنسان في آن واحد بطرفي السلب والإيجاب باعتبارين ، فيثبت له الإيمان من جهة وينفى عنه بأخرى ، ومن هنا يعلم معنى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمنٌ» (٢).
فلا يتأتّى صلاح المملكة البدنيَّة إلاّ بالسلم العامّ وقيام جميع أجزائها بواجبها ، وامتثال كلِّ فرد منها فيما فُرض عليه ، ولا يكمل الإيمان إلاّ بتحقّق شُعَبه.
وكما أنَّ انتفاء الإيمان عن كلِّ عضو وجارحة مكلّفة يكشف عن ضعف إيمان القلب وتضعضع حكومة الإسلام فيه ، اذ هو أميرالبدن ولا ترد الجوارح ولا تصدر إلاّ عن رأيه وأمره ، كذلك الصفات النفسيّة ؛ فإنَّ منها ما هو الكاشف عن قوّة الإيمان القلبي وضعفه كما ورد في النبويّ الشريف ، فيما أخرجه الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب (٣) (٣ / ١٧١): «إنَّ المرء لَيَكون مؤمناً وإنَّ في خلقه شيئاً فيُنقص ذلك من إيمانه».
ومنها ما يلازم النفاق ولا يفارقه ولا يجتمع مع شيء من الإيمان وإن صلّى صاحبه وصام ، وبه عُرِّف المنافق في القرآن العزيز.
__________________
(١) أخرجه البخاري [صحيح البخاري : ١ / ١٢ ح ٩ وفيه : الإيمان بضع وستون] ، مسلم [صحيح مسلم : ١ / ٩٢ ح ٥٧ كتاب الإيمان] ، أبو داود [سنن أبي داود : ٤ / ٢١٩ ح ٤٦٧٦] ، الترمذي [سنن الترمذي : ٥ / ١٢ ح ٢٦١٤] ، النسائي [السنن الكبرى ٦ / ٥٣٢ ح ١١٧٣٦] ، ابن ماجة [سنن ابن ماجة : ١ / ٢٢ ح ٥٧]. (المؤلف)
(٢) أخرجه مسلم [صحيح مسلم ١ / ١٠٨ ح ١٠٠ كتاب الإيمان] وغيره. (المؤلف)
(٣) الترغيب والترهيب : ٣ / ٤١١ ح ٣٦.