سبحانه ، وواسطة نجاحه في عقباه ، وأنَّ مودّتهم أجر الرسالة الكبرى.
روى الشيخ الأكبر الصفّار في بصائر الدرجات (١) بإسناده عن جابر ، قال : دخلت على الباقر عليهالسلام فشكوت إليه الحاجة فقال : «ما عندنا درهمٌ» ، فدخل الكميت فقال : جعلت فداك أنشدك؟ فقال : انشد ، فأنشده قصيدة. فقال : «يا غلام أخرِج من ذلك البيت بَدرةً فادفعها إلى الكميت». فقال : جعلت فداك ، أُنشدك أخرى؟ فأنشده. فقال : «يا غلام أخرج بدرةً فادفعها إليه». فقال : جعلت فداك ، أُنشدك أخرى؟ فأنشده. فقال : «يا غلام أخرج بدرةً فادفعها إليه» فقال جعلت فداك ، والله ما أحبّكم لعَرَض الدنيا ، وما أردت بذلك إلاّ صلة رسول الله وما أوجب الله عليَّ من الحقِّ ، فدعا له الباقر عليهالسلام فقال : «يا غلام رُدّها إلى مكانها». فقلت : جعلت فداك ، قلت لي : ليس عندي درهم ، وأمرت للكميت بثلاثين ألفاً! (٢).
فقال : «ادخل ذلك البيت» ، فدخلت فلم أجد شيئاً ، فقال : «ما سترنا عنكم أكثر ممّا أظهرنا». الحديث.
قال صاعد : دخلنا مع الكميت على فاطمة بنت الحسين عليهالسلام ، فقالت : هذا شاعرنا أهل البيت. وجاءت بقَدَحٍ فيه سَويقٌ ، فحرّكته بيدها ، وسقت الكميت فشربه ، ثمَّ أمرت له بثلاثين ديناراً ومركب ، فهملت عيناه وقال : لا والله لا أقبلها ؛ إنّي لم أحبّكم للدنيا. الأغاني (٣) (١٥ / ١٢٣).
وللكميت في ردِّه الصلات الطائلة على سروات المجد من بني هاشم ، مكرمةٌ ومحمدةٌ عظيمةٌ ، أبقت له ذكرى خالدة ، وكلٌّ من تلكم المواقف شاهد صدق على خالص ولائه وقوّة إيمانه ، وصفاء نيّته ، وحسن عقيدته ، ورسوخ دينه ، وإباء نفسه ،
__________________
(١) بصائر الدرجات : ص ٣٧٦ ح ٥.
(٢) في مناقب ابن شهرآشوب : ٥ / ٧ [٤ / ٢٠٣] : خمسين ألف درهم. (المؤلف)
(٣) الأغاني : ١٧ / ٢٧.