وعلوِّ همّته ، وثباته في مبدئه العلويِّ المقدَّس ، وصدق مقاله للإمام السجّاد زين العابدين عليهالسلام : إنّي قد مدحتك أن يكون لي وسيلة عند رسول الله.
ويعرب عن ذلك كلّه صريح قوله للإمام الباقر محمد بن عليّ عليهماالسلام : والله ما أحبّكم لعَرَض الدنيا ، وما أردت بذلك إلاّ صلة رسول الله وما أوجب الله عليَّ من الحقِّ. وقوله الآخر له عليهالسلام : لا والله لا يعلم أحدٌ أنَّي آخذٌ منها حتى يكون الله الذي يكافئني. وقوله للإمامين الصادقين عليهماالسلام : والله ما أحببتكم للدنيا ، ولو أردتها لأتيت من هي في يديه ، ولكنّي أحببتكم للآخرة. وقوله لعبد الله بن الحسن ابن عليّ عليهماالسلام : والله ما قلت فيكم إلاّ لله ، وما كنت لآخذ على شيء جعلته لله مالاً ولا ثمناً. وقوله لعبد الله الجعفري : ما أردت بمدحي إيّاكم إلاّ الله ورسوله ، ولم أك لآخذ لذلك ثمناً من الدنيا ، وقوله لفاطمة بنت الإمام السبط : والله إنّي لم أحبّكم للدنيا. وهذا شأن الشيعة سلفاً وخلفاً ، وشيمة كلِّ شيعيٍّ صميم ، وأدب كلّ متضلّع بالنزعات العلويّة ، وروح كلِّ علويٍّ جعفريٍّ ، وهذا شعار التشيّع ليس إلاّ ، وبمثل هذا فليعمل العاملون.
وكان أئمّة الدين ورجالات بني هاشم يلحّون في أخذ الكميت صلاتهم ، وقبوله عطاياهم ، مع إكبارهم محلّه من ولائه ، واعتنائهم البالغ بشأنه ، والاحتفاء والتبجيل له ، والاعتذار منه بمثل قول الإمام السجّاد ـ صلوات الله عليه ـ له : «ثوابك نعجز عنه ، ولكن ما عجزنا عنه فإنَّ الله لا يعجز عن مكافأتك». وهو مع ذلك كلّه كان على قدمٍ وساق من إبائه واستعفائه ، إظهاراً لولائه المحض لآل الله ، وقد مرّ أنّه ردَّ على الإمام السجّاد عليهالسلام أربعمائة ألف درهم ، وطلب من ثيابه التي تلي جسده ليتبرّك بها ، وردّ على الإمام الباقر مائة ألف مرّة وخمسين ألفاً أخرى ، وطلب قميصاً من قُمُصه وردَّ على الإمام الصادق ألف دينار وكسوة ، واستدعى منه أن يكرمه بالثوب الذي مسَّ جلده. وردَّ على عبد الله بن الحسن ضيعته التي أعطى له كتابها ،