السيِّد قال : كنت أتغدّى مع السيِّد في منزله ، فقال لي : طال والله ما شتم أميرُ المؤمنين عليهالسلام ولعن في هذا البيت. قلت : ومن فعل ذلك؟ قال : أبواي كانا إباضيَّين. قلت : فكيف صرت شيعيّا؟ قال : غاصت عليَّ الرحمة فاستنقذتني.
روى المرزباني (١) أيضاً عن حردان الحفّار ، عن أبيه وكان أصدق الناس أنَّه قال : شكا إليَّ السيِّد أنَّ أمّه توقظه بالليل وتقول : إنّي أخاف أن تموت على مذهبك فتدخل النار ؛ فقد لَهِجتَ بعليٍّ وولده فلا دنيا ولا آخرة. ولقد نغّصَتْ عليَّ مطعمي ومشربي ، وقد تركت الدخول إليها ، وقلت أنشد قصيدة منها :
إلى أهل بيتٍ ما لِمنْ كان مؤمناً |
|
من الناسِ عنهمْ في الولايةِ مذهبُ |
وكم من شقيقٍ لامني في هَواهمُ |
|
وعاذلةٍ هبّتْ بليلٍ تؤنِّبُ |
تقول ولم تقصد وتعتب ضلّةً |
|
وآفةُ أخلاقِ النساءِ التعتّبُ |
وفارقت جيراناً وأهلَ مودّةٍ |
|
ومن أنت منه حينَ تدعى وتُنسبُ |
فأنت غريبٌ فيهمُ متباعدٌ |
|
كأنَّك ممّا يتَّقونكَ أجربُ |
تَعيبُهمُ في دينهمْ وهُمُ بما |
|
تدينُ به أزرى عليك وأعيبُ |
فقلتُ دعيني لن أُحبِّر مِدحةً |
|
لغيرهمُ ما حجَّ للهِ أركُبُ |
أَتَنْهَيْنَني عن حبِّ آل محمدٍ |
|
وحبُّهمُ ممّا به أتقرَّبُ |
وحبّهمُ مثلُ الصلاة وإنَّه |
|
على الناس من بعد الصلاة لأوجبُ (٢) |
وقال المرزباني (٣) : أخبرني محمد بن عبيد الله البصري عن محمد بن زكريّا الغلابي ، قال : حدّثتني العبّاسة بنت السيِّد قالت : قال لي أبي : كنت وأنا صبيٌّ أسمع أَبَويَّ يَثلبانِ أمير المؤمنين عليهالسلام فأَخرجُ عنهما وأبقى جائعاً ، وأُوثر ذلك على الرجوع
__________________
(١) أخبار السيّد الحميري : ص ١٥٤.
(٢) في بعض النسخ : من بعض الصلاة لأوجبُ. وحقّ المقام أن يقول : من قبلِ الصلاة. (المؤلف)
(٣) أخبار السيِّد الحميري : ص ١٥٤.