إليهما ، فأبيت في المساجد جائعاً لحبّي فراقهما وبغضي إيّاهما ، حتى إذا أَجهدني الجوع رجعتُ فأكلتُ ثمَّ خرجتُ ، فلمّا كبُرتُ قليلاً وعقلت وبدأت أقول الشعر قلت لأبويَّ : إنَّ لي عليكما حقّا يصغُر عند حقِّكما عليَّ ، فجنِّباني إذا حضرتُكما ذِكر أمير المؤمنين عليهالسلام بسوء ، فإنَّ ذلك يزعجني وأَكرهُ عقوقكما بمقابلتكما ، فتماديا في غيِّهما فانتقلت عنهما ، وكتبت إليهما شعراً وهو :
خفْ يا محمدُ فالقَ الإصباحِ |
|
وأَزل فساد الدين بالإصلاحِ |
أَتسبُّ صنوَ محمدٍ ووصيَّهُ |
|
ترجو بذلك فوزة الإنجاحِ؟ |
هيهات قد بَعُدا عليك وقرّبا |
|
منك العذاب وقابضَ الأرواحِ |
أوصى النبيُّ له بخيرِ وصيّةٍ |
|
يومَ الغديرِ بِأَبْيَنِ الإفصاحِ |
إلى آخر الأبيات المذكورة في غديريّاته. فتواعدني بالقتل ، فأتيت الأمير عُقبة ابن سَلْم فأخبرته خبري ، فقال لي : لا تقربْهما ، وأعدَّ لي منزلاً أمرَ لي فيه بما أحتاج إليه ، وأجرى عليَّ جراية تَفْضُل على مؤونتي.
وقال (١) : كان أبواه يُبغضان عليّا عليهالسلام فسمعهما يسبّانِهِ بعد صلاةِ الفجر! فقال :
لعن اللهُ والديَّ جميعاً |
|
ثمَّ أصلاهما عذابَ الجحيمِ |
حَكما غَدوةً كما صلّيا الفج |
|
رَ بِلَعْنِ الوصيِّ بابِ العلومِ |
لعنا خيرَ من مشى فوق ظهر ال |
|
أرضِ أو طاف مُحرِماً بالحَطيمِ |
كَفَرا عند شَتْمِ آل رسول ال |
|
لّهِ نسلِ المُهذَّبِ المعصومِ |
والوصيِّ الذي به تثبتُ الأر |
|
ضُ ولولاه دُكدِكَتْ كالرميمِ |
وكذا آلُهُ أولو العلمِ والفه |
|
مِ هداةٌ إلى الصراط القويمِ |
خلفاء الإله في الخَلْقِ بالعد |
|
ل وبالقسط عند ظُلْم الظلومِ |
__________________
(١) أخبار السيّد الحميري : ص ١٧٦.