كلٌّ صاحبه ، ويدفع كلٌّ عن الآخر ، كما يحسبه هذا الكاتب؟
وإنّك لتجد الكاتب عَيّا عن جواب هذه الأسئلة ، لكنّه حبّذت له بواعثه أن يستر حقيقة الغدير بذيل أمانته ، وهو يحسب أنّه لا يقف على ذلك التعليق إلاّ الدهماء ، أو أنّ البحّاثة يمرّون عليه كراماً ، لكنَّ المحافظة على حقيقة دينيّة أولى من التحفّظ على اعتبار هذا الكاتب الذي يكتب ولا يبالي بما يكتب ، ويرى الكذب حقيقة راهنة.
نعم ، كان في الجاهليّة يوم أغار فيه دُريد بن الصمّة ـ المقتول كافراً بعد فتح مكّة ـ على غطفان [بعد مقتل أخيه عبد الله] (١) يطالبهم بدمه ، فاستقراهم حيّا حيّا ، وقتل من بني عبس ساعدة بن مرّ ، وأسَر ذؤاب بن أسماء الجُشَمي. فقالت بنو جُشَم : لو فاديناه. فأبى ذلك دُريد عليهم ، وقتله بأخيه عبد الله ، وأصاب جماعة من بني مرّة ومن بني ثعلبة ومن أحياء غطفان. قال في الأغاني (٢) (٩ / ٦) : وذلك في يوم الغدير. وذكر لدُريد شعراً في ذلك.
وعدَّ في العقد الفريد (٣) (٣ / ٧١) من حروب الجاهليّة يوم ـ غدير قلياد ـ قال : قال أبو عبيدة : فاصطلح الحيّان إلاّ بني ثعلبة بن سعد ، فإنّهم أبوا ذلك وقالوا : لا نرضى حتى يُودوا قتلانا أو يُهدَر دم من قتلها ، فخرجوا من قطن (٤) ، حتى وردوا ـ غدير قلياد ـ فسبقهم بنو عبس إلى الماء ، فمنعوهم حتى كادوا يموتون عطشاً ودوابّهم ، فأصلَحَ بينهم عوف ومَعْقل ابنا سُبَيْع من بني ثعلبة ، وإيّاهما يعني زهيرٌ بقوله :
__________________
(١) الزيادة يقتضيها السياق ، اثبتناها من الاغانى.
(٢) الاغانى : ١٠ / ١٤ ـ ١٥ /.
(٣) العقد الفريد : ٥ / ٩٩.
(٤) يوم قطن من حروب الجاهليه راجع العقد الفريد : ٣ / ٦ [٥ / ٩٩]. (المؤلف)