الفقه وأعضاد العلم الإلهيّ من الطبقة العليا.
ولم يزالوا يعقدون الحفلات والأندية في الأعياد المذهبيّة من مواليد أئمة الدين عليهمالسلام ويوم العيد الأكبر ـ الغدير ـ ومجالس تعقد في وفياتهم ، فتأتي إليها الشعراءُ شرّعاً ، فيلقونَ ولائد أفكارهم من مدائح وتهانٍ وتأبينات ومراثٍ ، فيها إحياء أمرهم ، فتثبت لها القلوب ، وتشتدُّ بها العلائق الودّية بين أفراد المجتمع ومواليهم عليهمالسلام ، ويتبعها الحفاوة والتكريم ، والإثابة والتعظيم لمنضّدي تلك العقود وجامعي أوابدها ، هذا وما عند الله خيرٌ وأبقى.
وكانت الحالة في بعض تلك القرون الخالية أكيدة ، والنشاط الروحيّ بالغاً في رجالاته فوق ما يتصوّر ، والأمّة بيُمن تلك النفوس الطاهرة سعيدة جدّا ، كعصر سيّد الأمّة آية الله بحر العلوم والشيخ الأكبر كاشف الغطاء ، وأمّا اليوم فإنَّ تلك المحتشدات الروحيّة :
أمست خلاءً وأمسى أهلها احتملوا |
|
أخنى عليها الذي أخنى على لَبَدِ |
نعم ؛ بالأمس كان بقيّة العترة الطاهرة الإمام المجدّد الشيرازي ، نزيل سامراء المشرّفة ذلك العَلَم الخفّاق للأمّة جمعاء ، الذي طنّبت زعامته الدينيّة على أطراف العالم كلّه ، لا تنقطع حفلاته في الأيّام المذكورة كلّها ، فتقصدها صاغة القريض بأناشيدهم المبهجة من شتّى النواحي ، فتجد عنده فناءً رحباً ، وانبساطاً شاملاً ، وتقديراً معجباً ، ونائلاً جزيلاً ، وبشاشةً مرغّبة ، ولكن :
ذهب الذين يُعاشُ في أكنافهم
ومن نماذج هاتيك الأحوال : أنَّ شاعر أهل البيت المُفْلِق السيِّد حيدر الحلّي ، قصده بشعر في بعض وفداته إليه ، فأضمر السيِّد المجدد في نفسه أن يُثيبه بعشرين ليرة