عثمانيّة ، فأفضى بعزمه إلى ابن عمّه ـ العلم الحجّة ـ (١) الحاج ميرزا إسماعيل ، فاستقلّ ذلك المبلغ وقال : إنّه شاعر أهل البيت ، وإنّه أجلّ وأفضل من أمثال دعبل والحميري ونظرائهما ، وكان أئمّة الدين يقدّمون إليهم الصُرر والبِدَر. فاستحفاه عن مقتضى الحال فقال له : إنَّ الحريّ أن تعطيه مائة ليرة بيدك الشريفة.
هناك قصد السيِّد المجدّد زيارة السيِّد حيدر ، وناوله المبلغ المذكور بكلّ حفاوة وتبجيل ، وقبّل يد شاعر أهل البيت. حكاه جمعٌ ممّن أدرك ذلك العصر الذهبيّ ، ومنهم خلفه الصالح : آية الله ميرزا عليّ آغا الذي خلف والده على تلك المجالس والمجتمعات ، واستنشاد الشعر والإصاخة إليه والتقدير له والترحيب به في النجف الأشرف.
ولا يسعنا بسط المقال حول هذه كلّها ، وليس هذا المجمل إلاّ نفثة مصدور ولهفة متحسّر على فراغ هذه الناحية في هذا اليوم ، وإهمال تلك الغاية المهمّة ، وإقلاق تلك الطمأنينة ، وضياع تلك الفوائد الجمّة على الأمّة ، فالأيّام عُوج رواجع (٢) ، فكأنّ الدنيا رجعت إلى ورائها القهقرى ، واكتسى الشعر كسوة الجاهليّة الأولى ، وذهب أمس بما فيه (٣) ، فلا فقيه هناك كأولئك ، ولا شاعر كهؤلاء ، ولا رأي لمن لا يُطاع.
ومهما نَتلقَّ شعر السلف في القرون الأولى تلقّي الحديث والسنّة ، نذكر في شعرهم المقول في فضائل آل الله بعض ما وقفنا عليه من الحديث الوارد هناك من طرق العامّة ، ولعلّ الباحث يقف بذلك على سعة باع الشاعر في عِلْمَي الكتاب والسنّة.
آخر دعوانا أن الحمدُ لله ربّ العالمين
__________________
(١) تأتي ترجمته في شعراء القرن الرابع عشر. (المؤلف)
(٢) مَثَل يُضرب يعني : الدهر تارة يعوج عليك ، وتارة يرجع إليك [مجمع الأمثال : ٣ / ٥٤٣ رقم ٤٧٥٨]. (المؤلف)
(٣) مثل سائر يضرب [مجمع الأمثال : ٢ / ٣ رقم ١٤٥١]. (المؤلف)