فتدعوه نفسه إلى معرفة هذه الأبيات المعروفة ب ـ مدارس آيات ـ ويشتهي الوقوف عليها ، وينسبُني في إعراضي عن ذكرها إمّا أنّني لم أعرفها ، أو : أنّني جَهِلتُ ميل النفوس حينئذٍ إلى الوقوف عليها ، فأحببتُ أن أُدخِلَ راحةً على بعض النفوس ، وأن أدفعَ عنّي هذا النقص المتطرِّق إلى بعض الظنون ، فأوردت منها ما يناسب ذلك ، وهي :
ذكرتُ محلَّ الرَّبعِ من عرفاتِ |
|
وأرسلتُ دمعَ العينِ بالعبراتِ |
وفلَّ عُرى صبري وهاج صَبابتي |
|
رسومُ ديارٍ أقفرَتْ وعِراتِ |
مدارسُ آياتٍ خَلَتْ من تلاوةٍ |
|
ومَهبطُ وحي مُقفِرُ العرصاتِ |
لآلِ رسولِ اللهِ بالخَيْفِ من منى |
|
وبالبيتِ والتعريفِ والجَمَراتِ |
ديارُ عليٍّ والحسينِ وجعفرٍ |
|
وحمزةَ والسجّادِ ذي الثفناتِ (١) |
ديارٌ عفاها جَوْرُ كلِّ مُنابذٍ |
|
ولم تَعْفُ بالأيّام والسنواتِ |
ودارٌ لعبد الله والفضلِ صنوهِ |
|
سليلِ (٢) رسولِ الله ذي الدعواتِ |
منازلُ كانت للصّلاة وللتّقى |
|
وللصومِ والتطهيرِ والحسناتِ |
منازلُ جبريلُ الأمينُ يحلُّها |
|
من الله بالتسليمِ والزكواتِ |
منازلُ وحيِ اللهِ مَعدِنِ علمِهِ |
|
سبيلِ رشادٍ واضحِ الطُرقاتِ |
منازلُ وحي الله ينزلُ حولَها |
|
على أحمد الروحات والغدواتِ |
فأين الأُلى شطّت بهم غُربةُ النّوى |
|
أفانينَ في الأقطار مفترقاتِ |
هُمُ آلُ ميراث النبيِّ إذا انتموا |
|
وهمْ خيرُ ساداتٍ وخيرُ حُماةِ |
__________________
(١) ذكر الثعالبي في ثمار القلوب : ص ٢٣٣ [ص ٢٩١ رقم ٤٣٩] بيتين من القصيدة ، أحدهما : مدارس آيات. والثاني هذا البيت ، وقال : (ذو الثفنات) كان يقال لكلّ من عليّ بن الحسين بن عليّ عليهمالسلام وعليّ بن عبد الله بن عبّاس : ذو الثفنات ، لِما على أعضاء السجود منهما من السجدات الشبيهة بثفنات الإبل ؛ وذلك لكثرة صلاتهما. (المؤلف)
(٢) في الديوان : نجيِّ رسول الله.