إذا وُتِروا مَدّوا إلى واتريهمُ |
|
أكُفّا عن الأوتارِ مُنقبضاتِ |
جعل أبو الحسن عليهالسلام يُقَلِّب كفَّيه ويقول : «أجل والله منقبِضات» ، فلمّا بلغ إلى قوله :
لقد خِفْتُ في الدنيا وأيّامِ سعيها |
|
وإنّي لأرجو الأمنَ بعد وفاتي |
قال الرضا : «آمنك الله يوم الفزع الأكبر». فلمّا انتهى إلى قوله :
وقبرٌ ببغدادٍ لنفسٍ زَكيّةٍ |
|
تضمّنها الرحمنُ في الغُرُفاتِ |
قال له الرضا : «أفَلا أُلْحِق لكَ بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك؟».
فقال : بلى يا ابن رسول الله ، فقال عليهالسلام :
«وقبرٌ بطوسٍ يا لها من مصيبةٍ |
|
تَوَقّدُ في الأحشاءِ بالحُرُقاتِ |
إلى الحشر حتى يبعثَ اللهُ قائماً |
|
يُفرِّج عنّا الهمَّ والكُرُباتِ» |
فقال دعبل : يا ابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس قبر من هو؟
فقال الرضا : «قبري ، ولا تنقضي الأيّام والليالي حتى تصير طوس مُختلَف شيعتي وزوّاري ، ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في دَرَجَتي يوم القيامة مغفوراً له». ثمّ نهض الرضا عليهالسلام وأمر دعبل أن لا يبرح من موضعه ، فذكر قصّة الجبّة واللصوص ثمّ قال :
كانت لدعبل جاريةٌ لها من قِبَلِهِ محلٌّ ، فَرَمَدَتْ عينُها رَمَداً عظيماً ، فأُدخِل أهل الطبِّ عليها فنظروا إليها فقالوا : أمّا العين اليمنى فليس لنا فيها حيلةٌ وقد ذهبت ، وأمّا اليسرى فنحن نعالجها ونجتهد ونرجو أن تَسلمَ. فاغتَمَّ لذلك دعبل غمّا شديداً وجزع عليها جزعاً عظيماً ، ثمّ إنّه ذكر ما كان معه من وُصْلَة الجُبّة ، فَمَسَحَها على عَيْني الجارية وعصبها بعصابة منها من أوّل الليل ، فأصبحت وعيناها أصحّ ممّا كانتا قبلُ