فما بال خالك بُديل بن ورقاء وهو قعيد حبّه (١)؟ قال النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «احسِرْ عن حاجبيك يا بُديل» ؛ فحَسَر عنهما وحدَر لثامه ، فرأى سواداً بعارضه فقال : «كم سنوك يا بُديل؟» فقال : سبعٌ وتسعون يا رسول الله ، فتبسّم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : «زادك الله جمالاً وسواداً وأمتعك وولدك» (٢).
ومؤسِّس شرفهم الباذخ البطل العظيم عبد الله بن بُديل بن ورقاء الذي كان هو وأخواه عبد الرحمن ومحمد رُسل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى اليمن كما في رجال الشيخ. وكانوا هم وأخوهم عثمان من فرسان مولانا أمير المؤمنين الشهداء في صفِّين (٣) ، وأخوهم الخامس نافع بن بُديل استشهد على عهد النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ورثاه ابن رواحة بقوله :
رَحِمَ اللهُ نافعَ بنَ بُديلٍ |
|
رحمةَ المبتغي ثوابَ الجهادِ |
صابراً صادقَ الحديثِ إذا ما |
|
أكثَرَ القومُ قال قولَ السدادِ (٤) |
فحسب هذا البيت شرفاً أنّ فيه خمسةَ شهداء ، وهم بعين الله ومع ابن عمّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان عبد الله من متقدِّمي الشجعان ، والمتبرّز في الفروسيّة ، والمتحَلّي بأعلى مراتب الإيمان ، وعدّه الزُّهري من دُهاة العرب الخمسة كما في الإصابة (٢ / ٢٨١) قال له أمير المؤمنين يوم صفِّين : «احمل على القوم». فحمل عليهم بمن معه من أهل الميمنة وعليه يومئذٍ سيفان ودرعان ، فجعل يضرب بسيفه قدماً ويقول :
لم يبقَ غيرُ الصبر والتوكّلِ |
|
والتُرسِ والرمحِ وسيفٍ مصقلِ |
ثمَّ التمشِّي في الرعيل الأوّلِ |
|
مشي الجِمال في حياضِ المنهلِ |
__________________
(١) كذا في النسخة المخطوطة من الأمالي ، وفي الطبعة المحقّقة : قعيد حيِّه.
(٢) أمالي الشيخ : ص ٢٣٩ [ص ٣٧٦ ح ٨٠٥] ، الإصابة : ١ / ١٤١ [رقم ٦١٤]. (المؤلف)
(٣) صفّين لابن مزاحم : ص ١٢٦ [ص ٢٤٥] ، خصال الصدوق ، شرح النهج : ١ / ٤٨٦ [٥ / ١٩٦ خطبة ٦٥] ، الإصابة : ٣ / ٣٧١ [رقم ٧٧٥٨]. (المؤلف)
(٤) الإصابة : ٣ / ٥٤٣ [رقم ٨٦٥٠]. (المؤلف)