شادُوا بذكرِكَ بعد طُولِ خُموله |
|
واستنقذوك من الحضيضِ الأوْهدِ |
فقال إبراهيم : زادك الله حلماً يا أمير المؤمنين وعلماً ، فما ينطقُ أحدُنا إلاّ عن فضل علمك ، ولا يحلم إلاّ اتِّباعاً لحلمك (١).
٣ ـ حدّث ميمون بن هارون (٢) ، قال : قال إبراهيم بن المهدي للمأمون قولاً في دعبل يحرِّضه عليه ، فضحك المأمون ، وقال : إنّما تحرِّضني عليه لقوله فيك :
يا معشر الأجنادِ لا تَقْنَطوا |
|
وارضَوا بما كانَ ولا تسخطوا |
فسوف تُعطَوْنَ حُنينيّةً |
|
يلتذُّها الأمردُ والأشمطُ |
والمعبدِيّاتُ (٣) لقُوّادِكمْ |
|
لا تدخلُ الكيس ولا تُربطُ |
وهكذا يَرْزُقُ قُوّادَهُ |
|
خليفةٌ مُصْحَفُهُ البَربطُ (٤) |
فقال له إبراهيم : فقد والله هجاك أنت يا أمير المؤمنين ، فقال : دع هذا عنك ، فقد عفوتُ عنه في هجائه إيّاي لقوله هذا وضحك. ثمّ دخل أبو عبّاد ، فلمّا رآهُ المأمون من بُعْد قال لإبراهيم : دعبل يجسر على أبي عبّاد بالهجاء ولا يُحجم عن أحد. فقال له : وكأنّ أبا عبّاد أبسط يداً منك؟ قال : لا ، ولكنّه حديدٌ جاهلٌ لا يُؤمَن ، وأنا أحلم وأصفح ، والله ما رأيت أبا عبّاد مقبلاً إلاّ أضحكني قول دعبل فيه :
أولى الأمور بضَيْعَةٍ وفسادِ |
|
أمرٌ يُدبِّره أبو عبّاد (٥) |
٤ ـ حدّث أبو ناجية (٦) قال : كان المعتصم يبغض دعبلاً لطول لسانه ، وبلغ
__________________
(١) وفيات الأعيان : ٢ / ٢٦٧ رقم ٢٢٧.
(٢) الأغاني : ٢٠ / ١٣٣.
(٣) المعبديّات : الأغاني المنسوبة الى معبد المغنّي.
(٤) البَربَط : العود.
(٥) توجد بقيّة الأبيات في الأغاني : ١٨ / ٣٩ [٢٠ / ١٥٤]. (المؤلف)
(٦) الأغاني : ٢٠ / ١٥٧ ـ ١٥٨.