دعبلاً أنّه يريد اغتياله وقتله ، فهرب إلى الجبل ، وقال يهجوه :
بكى لشَتاتِ الدينِ مكتئبٌ صَبُ |
|
وفاض بفَرْطِ الدمعِ من عينِهِ غَرْبُ (١) |
وقام إمامٌ لم يكن ذا هدايةٍ |
|
فليس له دينٌ وليس له لُبُ |
وما كانت الأنباءُ تأتي بمثلِهِ |
|
يُملَّكُ يوماً أو تَدينُ له العُرْبُ |
ولكن كما قال الذين تتابعوا |
|
من السلَفِ الماضين إذ عظُم الخَطْبُ |
ملوكُ بني العبّاس في الكُتْبِ سَبْعَةٌ |
|
ولم تأتِنا عن ثامنٍ لهمُ كُتْبُ |
كذلك أهلُ الكهفِ في الكهفِ سبعةٌ |
|
خِيارٌ إذا عُدّوا وثامنُهمْ كلبُ |
وإنّي لأُعلي كلبَهمْ عنك رِفعةً |
|
لأنّك ذو ذَنْبٍ وليس لهُ ذَنْبُ |
لقد ضاع مُلكُ الناسِ إذْ ساس مُلكَهمْ |
|
وصيفٌ وأشناسٌ وقد عَظُم الكَربُ (٢) |
وفضلُ بنُ مروانٍ يُثَلِّمُ ثَلْمةً |
|
يَظَلُّ لها الإسلامُ ليس لهُ شَعبُ (٣) |
٥ ـ حدّث ميمون بن هارون قال : لمّا مات المعتصم قال محمد بن عبد الملك الزيّات يَرثيه :
قد قلْتُ إذْ غيّبوهُ وانصرفوا |
|
في خيرِ قبر لخيرِ مدفونِ |
لن يَجْبُرَ اللهُ أمَّةً فَقَدَتْ |
|
مثلَكَ إلاّ بمثلِ هارونِ |
فقال دعبل يعارضه :
قَدقُلتُ إذ غيّبوهُ وانصرفوا |
|
في شَرِّ قبرٍ لشرِّ مدفونِ |
اذهبْ إلى النارِ والعذاب فما |
|
خِلْتُكَ إلاّ من الشياطينِ |
ما زلتَ حتى عَقَدْتَ بيعةَ مَنْ |
|
أضرَّ بالمسلمين والدينِ (٤) |
__________________
(١) الغَرْب : عِرْق في مجرى الدمع يسقي ولا ينقطع.
(٢) وصيف وأشناس : من قوّاد المعتصم.
(٣) شَعب : إصلاح.
(٤) الأغاني : ٢٠ / ١٥٨.