٦ ـ حدّث محمد بن قاسم بن مهرويه قال : كنت مع دعبل بالصيمرة وقد جاء نعي المعتصم وقيام الواثق ، فقال لي دعبل : أمعك شيء تكتب فيه؟ فقلت : نعم ، وأخرجت قرطاساً ، فأملى عليَّ بديهاً :
ألحمدُ للهِ لا صبرٌ ولا جَلَدُ |
|
ولا عزاءٌ إذا أهل البلا رَقدوا |
خليفةٌ ماتَ لم يَحزنْ له أحدٌ |
|
وآخرٌ قام لم يفرحْ به أَحدُ (١) |
٧ ـ حدّث محمد بن جرير قال : أنشدني عبيد الله بن يعقوب هذا البيت وحده لدعبل يهجو به المتوكّل ، وما سمعت له غيره فيه :
ولستُ بقائلٍ قَذْعاً ولكنْ |
|
لأمرٍ ما تعبّدك العبيدُ |
قال : يرميه في هذا البيت بالأُبنَة.
٨ ـ دخل عبد الله بن طاهر على المأمون فقال له المأمون : أيَّ شيءٍ تحفَظُ يا عبد الله لدعبل؟ فقال : أحفظ أبياتاً له في أهل بيت أمير المؤمنين. قال : هاتها ويحك ، فأنشده عبد الله قول دعبل :
سقياً ورعياً لأيّامِ الصباباتِ |
|
أيّامَ أرفُلُ في أثواب لذّاتي |
أيّامَ غُصني رطيبٌ من لَيانتِهِ |
|
أصبو إلى غير جاراتٍ وكنّاتِ |
دع عنك ذكرَ زمانٍ فات مطلبُهُ |
|
واقذِفْ برجلِكَ عن متنِ الجهالاتِ |
واقصد بكلِّ مديحٍ أنت قائلُهُ |
|
نحو الهداةِ بني بيتِ الكراماتِ |
فقال المأمون : إنّه قد وجد والله مقالاً ، ونال ببعيد ذكرهم ما لا يناله في وصف غيرهم. ثمّ قال المأمون : لقد أحسن في وصف سَفر سافره ، فطال ذلك السفر عليه ، فقال فيه :
__________________
(١) الأغاني : ٢٠ / ١٦٠.