فظنّوه يريد بذلك نفسه ، ولم يكن يريدها به لمعرفته باستحقاق أخيه عليهالسلام للاِمامة من قبله ووصيته عند وفاته إلى أبي عبد اللّه (١).
٢ ـ قال أبو القاسم القمي الخزاز ـ بعد نقل كلام يحيى بن زيد ـ الذي تعرفت عليه : فإن قال قائل : فزيد بن علي إذا سمع هذه الأخبار وهذه الأحاديث من الثقات المعصومين وآمن بها واعتقدها. فلماذا خرج بالسيف وادّعى الاِمامة لنفسه وأظهر الخلاف على جعفر بن محمد وهو بالمحل الشريف الجليل ، معروف بالستر والصلاح ، مشهور عند الخاص والعام بالعلم والزهد ، وهذا ما لا يفعله إلاّ معاند أو جاحد ، وحاشا زيداً أن يكون بهذا المحل؟
فأقول في ذلك وباللّه التوفيق : إنّ زيد بن علي بن الحسين عليهمالسلام خرج على سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا على سبيل المخالفة لابن أخيه جعفر بن محمد عليهماالسلام ، وإنّما وقع الخلاف من جهة الناس ، وذلك أنّ زيد بن علي عليهالسلام لما خرج ولم يخرج جعفر بن محمد عليهماالسلام توهم من الشيعة أنّ امتناع جعفر كان للمخالفة وإنّما كان لضرب من التدبير ، فلمّا رأى الذين صاروا للزيدية سلفاً قالوا : ليس الاِمام من جلس في بيته وأغلق بابه وأرخى ستره وإنّما الاِمام من خرج بسيفه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فهذا كان سبب وقوع الخلاف بين الشيعة ، وأمّا جعفر وزيد عليهماالسلام فما كان بينهما خلاف.
والدليل على صحة قولنا قول زيد بن علي عليهالسلام : « من أراد الجهاد فإليّ ومن أراد العلم فإلى ابن أخي جعفر » ولو ادّعى الاِمامة لنفسه لم ينف كمال العلم عن نفسه إذ الاِمام يكون أعلم من الرعية ، ومن المشهور قول جعفر عليهالسلام « رحم اللّه عمي زيداً لو ظفر لوفاه إنّما دعا إلى الرضا من آل محمد وأنا الرضا » (٢).
__________________
١ ـ الاِرشاد : ٢٦٨ ، طبعة النجف الأشرف.
٢ ـ الخزاز القمي : كفاية الأثر : ٣٠١ ـ ٣٠٢.