قال : فلمّا قال جعفر عليهالسلام ذلك ونهض القوم وافترقوا ، تبعه عبد الصمد وأبو جعفر فقالا : يا أبا عبد اللّه أتقول هذا؟ قال : « نعم أقوله واللّه وأعلمه » (١).
قال أبو الفرج : وحدثني علي بن العباس المقانعي قال : أخبرنا بكار بن أحمد قال : حدثنا الحسن بن الحسين ، عن عنبسة بن نجاد العابد قال : كان جعفر بن محمد عليهماالسلام إذا رأى محمد بن عبد اللّه بن الحسن تغرغرت عيناه ثم يقول : « بنفسي هو ، إنّ الناس ليقولون فيه ، وإنّه لمقتول ، ليس هو في كتاب علي عليهالسلام من خلفاء هذه الأمّة » (٢).
والاِمعان في هذه الرواية يعرب عن أمرين :
الأوّل : أنّ محمد بن عبد اللّه اتّخذ موقفاً غير موقف زيد بن علي ، حيث إنّ عبد اللّه بن الحسن يريد أن يصف ، ابنه بأنّه هو المهدي الموعود كما قال : اجتمعنا لنبايع المهدي محمد بن عبد اللّه ولم يردّه ابنه وكأنّه قبله.
فيردعه الاِمام بقوله : « إنّ ابنك هذا ليس هو المهدي ولا أخاه ».
ولكنّه رافقهم إذا خرجوا مثلما خرج زيد وقال مخاطباً أباه : « وإن كنت إنّما تريد أن تخرجه غضباً للّه وليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فإنّا واللّه لا ندعك وأنت شيخنا ، ونبايع ابنك في هذا الأمر ».
ولما كان كلام الاِمام مخالفاً لما يهواه عبد اللّه غضب عليه وقال : واللّه ما أطلعك على غيبه ولكن يحملك على هذا الحسد لابني.
ورغم هذا الموقف الجافي كيف يمكن للاِمام عليهالسلام أن يرافقهم ،
__________________
١ ـ أبو الفرج : مقاتل الطالبيين : ٢٠٦.
٢ ـ أبو الفرج : مقاتل الطالبيين : ٢٠٨ ، الاِرشاد : ٢٩٤.