في الجزء الخامس من هذه الموسوعة أغضبت جمهور المسلمين وأثارتهم ضد الخليفة حتى انتهت إلى قتله في داره ، والمهاجرون والأنصار ، بين مجهز عليه ، أو موَلّب ضده ، أو مستبشر بمقتله أو صامت رهين بيته محايد عن الطرفين (١).
قُتل عثمان بسيف مروان بن الحكم الذي سلّه عليه بأعماله المأساوية في بلاطه ، وجاء بعده الاِمام علي بن أبي طالب عليهالسلام بإلحاح من الجماهير وبايعوه على أن يرد الاِسلام إلى عصر الرسول ، وقد امتنع في بدء الأمر عن قبول الخلافة وتزهد فيها كما تزهد في عصر الخلفاء ، غير أنّه لمّا تمت الحجّة عليه ورأى أنّ في التقاعس عن قبولها ضرراً على الاِسلام والمسلمين أخذ بزمام الخلافة بيد من حديد وقد خضعت له الأوساط الاِسلامية بعمالها وأُمرائها قاطبة إلاّ معاوية بن أبي سفيان ، فقد استمر على العناد ، واقفاً على أنّه لو بايع الاِمام للحقه العزل عن العمل ، ومصادرة الأموال الطائلة. فبقي على المخالفة وألّب بعض المهاجرين والأنصار على الاِمام حتى بايعهم خفاء إلى أن يبايعهم جلياً بعد سحب الاِمام عن ساحة الخلافة ، إلى أن آل الأمر إلى تأجيج نار حروب ثلاثة (الجمل وصفين والنهروان) قد عرفت تفاصيلها في الجزء الخامس ، فلو قتل في الجمل قرابة أربعة عشر ألف مقاتل من الطرفين ، أو قتل في صفين سبعين ألف مقاتل من العراقيين والشاميين ، أو نشبت حروب دامية بين أنصار علي والخارجين على بيعته ، طوال سنين ، فكلّها من جرائم وآثام ذلك الخلاف والعناد والخروج على الاِمام.
التحق الاِمام علي بن أبي طالب عليهالسلام إلى الرفيق الأعلى وقتل بيد أشقى الأوّلين والآخرين عبد الرحمن بن ملجم عام أربعين ، ومعاوية بعدُ قابع على كرسيه ، وقد صفا له الجوّ برحيل علي عليهالسلام فلم ير في الساحة إنساناً منافساً ولا مخالفاً سوى ، الحسن بن علي عليهالسلام لأنّ الجماهير من المهاجرين والأنصار الذين كانوا مع علي في العراق بايعوه بالخلافة والاِمامة ولكن معاوية خالفه ولم يبايعه كما
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ : ٣ / ٣٩٩.