خالف أباه ولم يبايعه بل حاربه.
نشب الخلاف بين معاوية والحسن بن علي وانجر الأمر إلى تجنيد الجنود ونفرهم إلى ميادين الحرب وبعد حوادث مريرة رأى الاِمام الحسن عليهالسلام أنّ الأصلح هو التنازل والتصالح تحت شروط ومبادىَ خاصة حفظها التاريخ ، ومن أهم الشروط التي وقَّع عليها كل من معاوية والحسن بن علي ، هو أنّه ليس لمعاوية أن يعهد إلى أحد من بعده عهداً (١) ولكن معاوية لم يكن ممن يعتمد على قوله وعهده ولا على حلفه ويمينه.
إنّ معاوية من الفئة الذين يقولون ولا يفعلون وقد أظهر نواياه بعدما تم التصالح فقال : إنّي واللّه ما قاتلتكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجّوا ولا لتزكّوا انّكم لتفعلون ذلك ولكني قاتلتكم لأتأمّر عليكم وقد أعطاني اللّه ذلك وأنتم له كارهون ألا وإنّي كنت منّيت الحسن أشياء وأعطيته أشياء وجميعها تحت قدمي هاتين لا أفي بشيء منها له. (٢).
رجع الحسن بن علي إلى مدينة جده ، ومعه أخوه الحسين وبنو هاشم وكان يتجرع الغصص من آل أُمية طيلة حياته إلى أن سمّه معاوية بتغرير زوجته فوافاه الأجل عام خمسين من الهجرة النبوية ، وكان يضرب به المثل في الصبر والحلم. قال أبو الفرج : لما مات الحسن بن علي عليهماالسلام وأخرجوا جنازته حمل مروان سريره ، فقال له الحسين عليهالسلام : أتحمل سريره أما واللّه كنت تجرعه الغيظ ، فقال : مروان إنّي كنت أفعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال (٣).
لم يكن معاوية يجترىَ على نقض ما وقع من عدم العهد إلى أحد ما دام الحسن في قيد الحياة ، وكان يتحين الفرص لنقض العهد واليمين وقد نقض أكثر
____________
١ ـ ابن صباغ المالكي : الفصول المهمة : ١٦٣.
٢ ـ المفيد : الاِرشاد : ١٩١.
٣ ـ أبو الفرج الأصفهاني : مقاتل ا ، لطالبيين : ٤٩ ، طبعة النجف الأشرف.