عليه : « أيها الناس أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من رأى سلطاناً جائراً ، مستحلاً لحرام اللّه ، ناكثاً لعهد اللّه ، مخالفاً لسنّة رسول اللّه ، يعمل في عباد اللّه بالاِثم والعدوان ، فلم يغير عليه بفعل ولا قول ، كان حقاً على اللّه أن يدخله مدخله ، ألا وإنّ هوَلاء قد لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد ، وعطّلوا الحدود ، واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام اللّه وحرّموا حلاله » (١).
ترى أنّ الاِمام يعلل ثورته على يزيد في البيان الأوّل بأنّه رجل فاسق شارب الخمر ، قاتل النفس المحترمة معلن للفسق ، وإن هذه الصفات لا تتفق مع شروط الخلافة كما أنّه يعلل ثورته في البيان الثاني بأنّه سلطان جائر ، مستحل لحرام اللّه ناكث لعهده ، مخالف لسنّة رسوله عامل في عباده بالاِثم والعدوان. كل ذلك يعرب عن أنّ ثورته لم تكن ثورة قبلية ولا عنصرية ، بل مبدئية بحتة.
وهناك للاِمام بيان ثالث ورابع وخامس و ... يعرّف موقفه من الحاكم الأموي ، يعرف دافعه إلى النضال والكفاح نأتي بثالثة :
كتب الاِمام إلى روَساء الأخماس والأشراف بالبصرة كتاباً جاء فيه : « وقد بعثت رسولي إليكم بهذا الكتاب وأنا أدعوكم إلى كتاب اللّه وسنّة نبيه ، فإنّ السنّة قد أُميتت ، وإنّ البدعة قد أُحييت وأسير بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب ، فمن قبلني بقبول الحقّ ، فاللّه أولى بالحقّ ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتى يقضي اللّه بيني وبين القوم بالحقّ وهو خير الحاكمين » (٢).
وفي هذه المقتطفات من خطب ورسائل الاِمام أدلّة واضحة على أنّ الثورة لم تكن ثورة قبلية ولا عنصرية بل كانت ثورة دينية عقائدية بحتة ، وكان الدافع المهم للتضحية ترسيم خط الشهادة والفداء لكل من يطلب رضى الحقّ ، وبالتالي قطع
__________________
١ ـ ابن الأثير : الكامل : ٣ / ٢٨٠ ، الطبري : التاريخ : ٤ / ٣٠٠.
٢ ـ الخوارزمي : المقتل : ١ / ٨٨ ، الفصل ٩.