حسيناً ، وأخزى قاتل حسين ـ إلى أن قال : ـ أفبعد الحسين نطمئن إلى هوَلاء القوم ونصدق قولهم ونقبل لهم عهداً لا ولا نراهم لذلك أهلاً. أما واللّه لقد قتلوه ، طويلاً بالليل قيامه ، كثيراً في النهار صيامه ، أحقّ بما هم فيه منهم وأولى به في الدين والفضل.
أما واللّه ما كان يبدل بالقرآن ، الغناء ، ولا بالبكاء من خشية اللّه الحداء ، ولا بالصيام شرب الحرام ، ولا بالمجالس في حلَق الذِّكر الركض في تطلاب الصيد (يعرض بذلك يزيد) فسوف يلقون غياً.
فثار إليه أصحابه فقالوا له : أيها الرجل أظهر بيعتك فإنّه لم يبق أحد (إذ هلك حسين) ينازعك هذا الأمر وقد كان يبايع الناس سراً ويظهر أنّه عائذ بالبيت (١).
لما فرغ مسلم من قتال أهل المدينة ونهبها شخص بمن معه نحو مكة يريد ابن الزبير ومن معه ، واستخلف على المدينة رَوْح بن زِنباع الجُذاميّ ، وقيل : استخلف عمرو بن مخرمة الأشجعي ، فلمّا انتهى إلى المشلَّل نزل به الموت ، وقيل : مات بثنيّة هَرْشَى ، فلمّا مات سار الحصين بالناس فقدم مكة لأربع بقين من المحرم سنة أربع وستين وقد بايع أهلها وأهل الحجاز عبد اللّه بن الزبير واجتمعوا عليه ، ولحق به المنهزمون من أهل المدينة فحمل أهل الشام عليهم حملةً انكشف منها أصحاب عبد اللّه ، ثم نزل فصاح بأصحابه ، وصابرهم ابن الزبير إلى الليل ثم انصرفوا عنه.
هذا في الحصر الأوّل ثم أقاموا يقاتلونه بقية المحرم وصفر كلّه حتى مضت ثلاثة أيام من شهر ربيع الأوّل سنة أربع وستين ، ولأجل القضاء على ابن الزبير
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ : ٤ / ٣٦٤ ، ابن الأثير : الكامل : ٤ / ٩٨ ـ ٩٩.