عمري إلاّ ضِمْءُ الحمار فإنّه يشرب غدوة ويموت عشية ، ويشرب عشية ويموت غدوة ، إقض ما أنت قاض فإنّ الموعد اللّه وبعد القتل الحساب. قال الحجاج : فإنّ الحجّة عليك. قال : ذلك إن كان القضاء إليك ، قال : بلى كنتَ فيمن قتل عثمان وخلعت أمير الموَمنين. أُقتلوه ، فقدم فقتل ، قتله أبو الجهم بن كنانة (١).
٣ ـ إنّ الحجاج كان ممن نكست فطرته فالمعروف كان عنده منكراً والمنكر معروفاً ، وكان قتل الأبرياء وتعذيبهم بألوان العذاب شيئاً سهلاً عنده. يقول الموَرخون : لما أسرف الحجاج في قتل أسارى دير الجماجم واعطائه الأموال بلغ ذلك عبد الملك فكتب إليه : أمّا بعد : فقد بلغ أمير الموَمنين سرفك في الدماء وتبذيرك في الأموال ولا يحتمل أمير الموَمنين هاتين الخصلتين لأحد من الناس ، وقد حكم عليك أمير الموَمنين في الدماء في الخطاء الدية وفي العمد القود ، وفي الأموال ردّها إلى مواضعها ...
فلمّا بلغ كتاب عبد الملك إليه كتب إليه في الجواب : واللّه ما عليَّ من عقل ولا قود ، ما أصبتُ القوم فأدِيَهُم ، ولاظلمتهم فأُقاد بهم ، ولا أعطيتهم إلاّ لك ، ولا قتلت إلاّ فيك ... (٢).
وكان سعيد بن الجبير وكميل بن زياد ومئات من التابعين الأبرياء كانوا ممن تستباح دماوَهم وأموالهم فخضّب وجه الأرض بسيول الدماء ... وإلى اللّه المشتكى.
٤ ـ وإنّ من العجب العجاب مشاركة الحسن المثنى في انتفاضة ابن الأشعث ولأجل ذلك يعدّه ابن المرتضى سلفاً للزيدية ، ولم يكن زيد يوم ذاك إلاّ طفلاً أو مراهقاً ، وبما أنّ أهل البيت كانوا يعانون من النظام الأمويّ المتمثل يوم
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ : ٥ / ١٦٩ ـ ١٧٠.
٢ ـ المسعودي : مروج الذهب : ٣ / ١٣٤ ـ ١٣٥.