فأطرق إلى الأرض مليّاً ثم رفع رأسه وقال : كلّنا له علم غير أنّهم يعلمون كلّ ما نعلم ولا نعلم كلّ ما يعلمون.
ثم قال لي : أكتبت من ابن عمي شيئاً؟ قلت : نعم ، قال : أرينه ، فأخرجت إليه وجوهاً من العلم وأخرجت له دعاء أملاه عليّ أبو عبد اللّه عليهالسلام وحدثني أنّ أباه محمد بن علي عليهماالسلام أملاه عليه ، وأخبره أنّه من دعاء أبيه علي بن الحسين عليهماالسلام من دعاء الصحيفة الكاملة ، فنظر فيه يحيى حتى أتى على آخره وقال لي : أتأذن في نسخه فقلت : يابن رسول اللّه أتستأذن فيما هو عنكم ، فقال : أما أنّي لأخرجن إليك صحيفة من الدعاء الكامل ممّا حفظه أبي عن أبيه ، وانّ أبي أوصاني بصونها ومنعها غير أهلها ، قال عمير : قال أبي : فقمت إليه فقبلت رأسه ، وقلت له : واللّه يابن رسول اللّه إنّي لأدين اللّه بحبكم وطاعتكم وأنّي لأرجو أن يسعدني في حياتي ومماتي بولايتكم. فرمى صحيفتي التي دفعتها إليه إلى غلام كان معه وقال : أُكتب هذا الدعاء بخط بيّن وحسن وأعرضه عليّ لعلّي أحفظه ، فإنّي كنت أطلبه من جعفر حفظه اللّه فيمنعنيه قال المتوكل : فندمت على ما فعلت ولم أدر ما أصنع ولم يكن أبو عبد اللّه عليهالسلام تقدم إليّ ألاّ أدفعه إلى أحد.
ثم دعا بعيبة فاستخرج منها صحيفة مقفلة مختومة فنظر إلى الخاتم وقبّله وبكى ثم فضّه وفتح القفل ، ثم نشر الصحيفة ووضعها على عينيه وأمرّها على وجهه ، وقال : واللّه يامتوكل لولا ما ذكرت من قول ابن عمي إنّني أُقتل وأُصلب لما دفعتها إليك ولكنت بها ضنيناً ولكني أعلم أنّ قوله حقّ أخذه عن آبائه وأنّه سيصح ، فخفت أن يقع مثل هذا العلم إلى بني أُمية فيكتموه ويدّخروه في خزائنهم لأنفسهم ، فاقبضها واكفينها وتربص بها ، فإذا قضى اللّه من أمري وأمر هوَلاء القوم ما هو قاض ، فهي أمانة لي عندك حتى توصلها إلى ابني عمي : محمد وإبراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن علي عليهماالسلام فإنّهما القائمان في