جاهَد هذا الثالوثَ الرهيبَ بلسانه ، وبيانه ، وسلوكه ، وخرج بنفسه من أجل ذلك إلى القرية وتجول في السهول حيثما تسكن القبائل وتأوي إليها النسور القشاعم من أحفاد الأنصار وأشبال أحفاد الأنصار ، وفيها حمل راية الجهاد ونادى بوجوب الاجتهاد وبحرية وقدسية الفكر والرأي للانتقاد الحرّ والاستنباط الحرّ من مصادر الاِسلام الأولى كتاب اللّه وسنّة رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم والاستفادة من الثروات الفكرية التي خلَفها الأئمّة الهادونَ ، والعلماء المجتهدون في كل أصقاع الأرض ، ومن أجل ذلك ألّف الموَلفات الشاملة وحرر الرسالات الصادعة وبدّد الشبهات بالحجج النيرات ، ولذا ظهرت بعض موَلفاته في هذه الفترة على النحو التالي :
في « ثلا » وبعد خروجه من السجن ألف كتاب (البحر الزخار) الجامع لمذاهب علماء الأمصار وفيه تظهر آراوَه وأنظاره الخاصة في كل المسائل التي اشتمل عليها الكتاب.
وفي سنة ٨١٦ هـ سافر من « ثلا » إلى بلاد مسور وفيه مكث ما شاء اللّه وبدأ في كتابة « غايات الأفكار » وهو شرح لما تضمنه كتاب « البحر الزخار » من العلوم.
وبعد أن سافر إلى الأهنوم وأصلح أحوال أهله رجع إلى « الحيمة » لنفس الغرض ، ومنها استدعاه أهل حراز لاِصلاح شأنهم ومكث في « حراز » ما شاء اللّه وفيه ألف « الدامغ » و « منهاج الوصول لمعيار العقول » وكتاب « علوم الأدب » و « القسطاس في المنطق » و « القاموس الفائض في الفرائض » ثم رجع إلى « مسور » لزيارة أولاده وفي هذه الفترة ألف « القمر النوار ».
ثم نزل « الدقائق » من بلاد « لاعة » وفيها ألف « حياة القلوب ».
وفي سنة ٨٣٦ هـ توفي الاِمام الهادي علي بن الموَيد وأوصى بتسليم ما كان بيده من الحصون إلى الاِمام المهدي صاحب الترجمة فأمر ابنه الحسن بن الموَيد بتعهدها وافتقادها ، أمّا الاِمام نفسه فقد رحل إلى ظفير حجّة ، حيث اتّخذه وطناً له