وإذا كان غير منصوص فاللازم كون الاِمام ذا قابليات توَهّله لاشغال منصب الاِمامة سواء أكان فاطمياً أم لا ، فالاِصرار على هذا المبدأ خصوصاً فيما إذا كان غير الفاطمي أبـصر وأعلم ، وأتقى وأزهد وأوقع في القلوب ، غير صحيح.
ثم إنّ المبدأ الثاني والثالث يثيران الرغبة والطمع في كل فاطمي يرى نفسه عادلاً ، وعالماً وشجاعاً فعند ذلك ينتهي الأمر إلى النزاع والتشاجر وربما ـ لا سمح اللّه ـ إلى إراقة الدماء.
وحاصل الكلام : أنّ مكافحة الاستبداد ورفض ابتزاز أمر الأمّة بلا رضا منها ، رهن أحد أمرين :
١ ـ أن يصدر من اللّه الرحمن الرحيم على عباده ، الواقف على مصالحهم ومفاسدهم ، تنصيص على ولاية أحد ، كالنبي الأعظم وأئمة أهل البيت عند الشيعة.
٢ ـ مشاركة الشعب في بناء النظام حتى يكون مورد رضاهم بنحو من الأنحاء ولاشيء ثالث ، وإلاّ فلو لم يكن هذا ولا ذاك كثر الطالب وزادت الدعوة وربما ينتهي إلى حروب دامية ، وما ذكره الاِمام يحيى بن الحسين لحسم النزاع لايفيد شيئاً حيث قال : إن تشابها في العلم فالاِمامة لأورعهما وإن تشابها في الورع والعلم ، فالاِمامة لأزهدهما ، وإن تشابها في ذلك كله فالاِمامة لأسخاهما ، وإن تشابها فلأشجعهما ، فلأرحمهما ....
إنّ ما ذكره من الضابط لحسم مادة الخلاف لو كانت مفيدة فإنّما تفيد في رفع النزاع في إمامة المسجد ، لا في رفع النزاع في الزعامة الكبرى ، إذ كل يزعم أنّه ، أعلم ، وأورع ، وأزهد ، وأسخى ، وأشجع ، وربما يحلف عليه ويجمع الجموع ...
فلأجل ذلك المأزق الذي يواجه فكرة الاِمامة لدى الزيدية عاد المفكرون