الرابع : لا بأس عندنا للطائف أن يقرأ القرآن فى نفسه لأنه ذكر مشرف فى مكان مشرف. ويكره أن يرفع صوته بالقراءة فيه كى لا يقع فى الرياء والسمعة. ولفظة لا بأس ، تدل على أن الأولى الاشتغال بالدعاء دون القراءة ، فإنه صلىاللهعليهوسلم اشتغل بالدعاء دون القراءة لكون اليطواف محلا لإجابة الدعاء وعند مالك لا يقرأ إلا قوله : (رَبَّنا آتِنا) إلى قوله : (وَقِنا عَذابَ النَّارِ) (سورة البقرة : ٢٠١) كذا نقله الكرمانى من أصحابنا. والصحيح من مذهب الشافعى أن الدعاء المأثور فى الطواف أفضل من القراءة للاتباع. واستدل أصحابه بأنه قد نهى عن القراءة فى الركوع والسجود لتعلق الدعاء الخاص بهما. قال الزركشى : وقد ينازع فى عبارتهم فى هذه المسألة ، إذ لا شىء من الذكر أفضل من القرآن ، فكيف يكون الاشتغال بالمأثور أفضل من الاشتغال بالقرآن؟ وأجيب بأن القراءة فعل القادر وهى حادثة والقرآن قديم. والتفضيل بين القراءة والذكر ، والصواب أن القرآن من حيث حقيقته أفضل. وقد ألف أبو بكر الآجرى تأليفا يتضمن الإنكار على الجاهر فى الطواف بذكر أو تلاوة ، وغلظ فى ذلك وشدد وينبغى أيضا لمن كان فى المسجد قريبا من الطواف أن لا يرفع صوته بتلاوة أو ذكر لئلا يشوش على الطائفين أو المصلين.
الخامس : من سنن الطواف للرجل القرب من البيت لينال الشرف والبركة ليكون أيسر فى الاستلام والتقبيل. وهذا إذا لم يؤذ أو يتأذ بزحمة أو غيرها واذا لم يفته الرمل أيضا بسبب الزحمة ، فإن خشى فوات الرمل فالبعد أولى للإتيان به لأن الرمل عندنا لا بدل له ، ولهذا إذا اشتدت الزحمة يقف وأيضا فى قرب الرجل من البيت بعده عن النساء فإن طوافهن غالبا من جهة حاشية المطاف لا سيما عند من يقول بنقضهن. والمستحب للمرأة البعد عن البيت لئلا تخالط الرجال إلا فى وقت خلو المطاف فالقرب أولى والخنثى كالمرأة.
السادس : التطوع بشوط واحد فى الطواف هل يسوغ ويؤجر عليه أم لا؟ فمذهب الشافعى أن من تطوع ابتداء بطوفة واحدة لا يجوز ولا يثاب على ذلك لما فيه من التلاعب بالعبادة. أما لو نوى أن يطوف أسبوعا ثم بدا له بعد أن طاف طوفة واحدة مثلا أنه لم يوف فله أجر الطوفة ولا يحبط ذلك ترك ما بقى من السبع.
أقول : مقتضى مذهبنا أيضا عدم جواز التطوع بالشوط الواحد قياسا على الركعة