الباب الأول من هذا الكتاب عند ذكر فضائل البيت الشريف ، فيما أخرجه الفاكهى عن السهمى عند قوله فعابت أسطوانة. قال شيخ الإسلام ابن حجر : والأسطوانة من خشب وما سيأتى قريبا من كلام الفاسى نفسه عند ذكره لما عمره القاضى محمد بن موسى من بناء الزيادة التى بدار الندوة فى قوله وجعل ذلك بأساطين حجارة مدوّرة عليها ملا بن ساج (١). وفى قوله عند بناء ما كان احترق من الجانب الغربى وبعض الشامى من المسجد الحرام فى عام اثنين وثمانمائة ما صورته : إن الأساطين التى بالجانب الغربى حجارة منحوتة هذا كلامه. وأما الأساطين من الآجر فعمل منها كثير فى المساجد وغيرهما فإذا علم ذلك فقول الأزرقى رحمهالله إن الوليد أول من نقل إلى المسجد الحرام أساطين الرخام ليس فيه مخالفة مع الاحتمال المذكور فتأمل والله الموفق.
ثم لما أفضت الخلافة إلى أبى جعفر العباسى ثانى خلفاء بنى العباس وسع المسجد الحرام من جانبه الشامى ومن جانبه الغربى ولم يجعل فيما وسعه من الجانبين إلا رواقا واحدا. وكان ابتداؤه فى المحرم سنة سبع وثلاثين ومائة والفراغ منه فى ذى الحجة سنة أربعين ومائة (٢).
وكان الذى زاده المنصور النصف مما كان عليه قبل ذلك.
ثم إن المهدى بن أبى جعفر وسع المسجد الحرام بعد موت أبيه من أعلاه ومن الجانب اليمانى ومن الموضع الذى انتهى إليه أبوه فى الجانب الغربى حتى صار على ما هو عليه اليوم ، ما عدا الزيادتين فإنهما أحدثتا بعده (٣) كما سيأتى قريبا إن شاء الله تعالى.
وكانت عمارة المهدى فى نوبتين : الأولى فى سنة إحدى وستين ومائة ، وزاد فيما زاده أبوه رواقين. والثانية سنة سبع وستين وكان أمر بها لما حج حجته الثانية فى سنة أربع وستين ، ورأى الكعبة فى شق من المسجد فكره ذلك وأحب أن تكون متوسطة فى المسجد ، فدعا المهندسين وشاورهم فى ذلك فقدروا ذلك ، فإذا هو لا يستوى لهم من أجل الوادى والسيل ، وقالوا : إن وادى مكة له سيول قوية العزم ونخشى إن حولنا الوادى عن مكانه أن لا يتم لنا على ما نريد. فقال المهدى لا بد لى من سعة المسجد بحيث تكون
__________________
(١) شفاء الغرام ج ١ ص ٣٦٤.
(٢) إخبار الكرام ص ١٨١.
(٣) إخبار الكرام ص ١٨١.