الكعبة فى وسط المسجد على كل حال ولو أنفقت فيه جميع ما فى بيوت المال ، وعظمت نيته فى ذلك وقوى عزمه على ذلك فقدر المهندسون ذلك وهو حاضر ونصبوا الرماح على الدور من أول موضع الوادى إلى آخره ثم ذرعوه من فوق الرماح حتى عرفوا ما يدخل فى المسجد من ذلك وما يبقى فى الوادى (١).
ثم خرج المهدى إلى العراق وخلف الأموال فاشتروا من الناس دورهم ووسعوا المسجد ، ولم يكمل ذلك إلا فى خلافة ابنه موسى الهادى لمعاجلة المنية للمهدى (٢).
وكان مما عمل بعد موته بعض الجانب اليمانى وبعض الغربى وأنفق المهدى رحمهالله فى ذلك أموالا عظيمة بحيث صار ثمن كل ذراع فى ذراع مكسر مما دخل فى المسجد الحرام خمسة وعشرين دينارا ، وثمن كل ذراع مكسر مما دخل فى الوادى خمسة عشر دينارا ونقل إلى المسجد الحرام أساطين الرخام من مصر وغيرها فى السفن حتى أنزلت بجدّة ، وحملت منها على العجل إلى مكة (٣).
قال الأزرقى : ووسع المهندسون باب بنى هاشم الذى يستقبل الوادى ، وجعلوا الباب الذى بإزائه من أسفل المسجد يعنى من الجانب الغربى يستقبل خط الحزامية ، يقال له باب البقالين وهو معروف. وقالوا : إذا جاء سيل عظيم ودخل المسجد خرج من ذلك الباب (٤) انتهى بمعناه.
هذا عمل المهدى فى النوبة الثانية واستمر كذلك إلى يومنا هذا والله أعلم.
أقول : باب بنى هاشم الذى ذكره الأزرقى باب علىّ الآن نبه على ذلك الفاسى.
وباب البقالين لعله المعروف الآن بباب الحزورة ، فإن الفاسى رحمهالله عرف باب الحزورة بأن الغالب عليه باب الحزامية ، وقال : لأنه يلى خط الحزامية لا باب إبراهيم. لأن الأزرقى لم يذكره وإنما حدث بعده. وأيضا قول الأزرقى : وجعل الذى بإزائه ، يؤيد أنه باب الحزورة لأنه بإزاء باب على بمعنى مقابله.
__________________
(١) إخبار الكرام ص ١٨٢.
(٢) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٨٠ ، إخبار الكرام ص ١٨٣.
(٣) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٨٠.
(٤) أخبار مكة للأزرقى ج ٢ ص ٨٠.